الكرم من صفات الرسول صلى الله عليه

عن أبي ذر رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة، فاستقبلنا أُحد، فقال: “يا أبا ذر” قلت: لبيك يا رسول الله. قال: “ما يسرني أن عندي مثل أُحد هذا ذهبًا، تمضي عليه ثالثة وعندي منه دينار، إلا شيئًا أرصده لدين. إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا” عن يمينه، وعن شماله، ومن خلفه[1].

تلك هي حقيقة كرمه صلى الله عليه وسلم يسجلها بقوله – وهو الصادق المصدوق – بعيدًا عن المبالغات.
وقد عرف أصحابه من سلوكه صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يدخر شيئًا.

قال عقبة بن الحارث رضي الله عنه: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر، فلما سلم قام سريعًا ودخل على بعض نسائه، ثم خرج، ورأى ما في وجوه القوم من تعجبهم لسرعته فقال: “ذكرت وأنا في الصلاة تبرًا عندنا فكرهت أن يمسي عندنا، فأمرت بقسمته”[2].
وعن أنس رضي الله عنه، قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئًا لغد”[3].

ولقد نقل لنا الصحابة بعض المشاهد من كرمه صلى الله عليه وسلم، وهذه النماذج – إضافة إلى ما سبق ذكره – يمكنها أن تضعنا أمام بعض الحقيقة من كرم النبي صلى الله عليه وسلم لأنه من الصعب على القلم أن يصور الوقائع كاملة، فلكل واقعة ملابستها التي ربما إذا غابت، أنقصت من قدر الحادثة، ولم توفِّها حقها.

قال أنس رضي الله عنه: “ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، فجاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم، أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاء لا يخشى الفاقة”[4].

وأعطى صفوان بن أمية، يوم حنين، مائة من النعم، ثم مائة، ثم مائة، قال صفوان: والله لقد أعطاني رسول الله ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إليَّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليَّ[5].

وعلى الرغم من جوده صلى الله عليه وسلم الذي لا يبارى، فقد كان عنده لمواسم الخير زيادة نشاط وعمل.

قال ابن عباس – رضي الله عنهما: “كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام، كان أجود بالخير من الريح المرسلة”[6].

[1] متفق عليه (خ 6444، م 94/ زكاة 32) وهو عند البخاري عن أبي هريرة برقم (2389).
[2] أخرجه البخاري برقم (1221).
[3] أخرجه الترمذي برقم (2362)، والبغوي في الأنوار برقم (261).
[4] أخرجه مسلم برقم (2312).
[5] أخرجه مسلم برقم (2313).
[6] متفق عليه (خ 1902، م 2308).