بعد الخروج من دوامة الإلحاد والعودة إلى الإيمان من جديد.. تفاجئنا القصص والروايات ببيان حالة الملحد وقت إلحاده.. يحكي لنا قصته الحقيقية وتجربته السليمة من الزيف.. ويُخرج مشاعره الأصلية للنور.. يحدثنا عن معاناته.. وتفكك أوصال حياته، وضياعه وإحباطه.. تلك المشاعر التي يحاول كل ملحد عدم إظهارها.. أو الظهور بعكسها لينفي عن نفسه شبهة الاحتياج للدين!!! وما بين الشعور بالضياع والاضطراب النفسي والتفكير المستمر في إنهاء تلك الحياة المليئة بالمعاناة بالانتحار كان الجزء الأول من هذا المقال.. الذي أوصلنا للنتيجة الحتمية في الجزء الثاني.. نتيجة مفادها أنه لا حياة بلا دين.. يضبط إيقاعها ويعصم من يعيشون فيها من كل أذى نفسي.[1]

في أزمة الإلحاد.. الدين هو الحل!

الإلحاد

يساعد الدين على تحمل أعباء الحياة والإجهادات ويقلل فرص الإصابة بالاضطرابات النفسية المختلفة!

كم هي رخيصة هذه الحياة والله عندما تجد نفساً أُزهقت بمحض اختيارها هرباً أو يأساً أو اعتراضاً متوهماً لا يستند لإيمان! يخبرني زميل يزور بعض أهله في أيسلندا بين الحين والحين أن حوادث إلقاء النفس أمام الحافلة صباحاً كثيرة هناك! وأما العجيب فهو سبب حزن الواقفين و استنكارهم، فهم لم تهتز لهم شعرة على موت المنتحر – وهكذا هم أهل المدن هناك بخلاف الريف المؤمن – ولكن يستاؤون لتأخرهم عن مواعيد العمل!

لم يعد من الصعب على المختصين والباحثين والأكاديميين اليوم ملاحظة العلاقة (العكسية) بين التدين والانتحار! وبين ما يُكسبه الدين لأتباعه من قدرات وتكيفات مع شتى ظروف الحياة واختلافات البشر الفردية والاجتماعية: في مقابل (الحيوانية) و (اللاغائية) و (العبثية) و (اللا أمل) الذي يزرعه الإلحاد في قلوب وعقول أتباعه! والعجيب أنك تجد لكل منهما دعاة يبشرون بعقيدتهم ويجملونها – بغض النظر عن كونها باطل أم حق- ! فكما يُبشر الدين ودعاته على مختلف ألوانهم بالتفاؤل والصبر والألم واحتساب الأجر عند الله إلخ، نجد القصص والإعلام الغربي والأجنبي -والمتوغل حالياً في دول المسلمين للأسف- والإنترنت يُزينون الانتحار والهروب ويُجملونه وخاصة أمام المراهقين والشباب الذين منهم مَن يُصدق ذلك وتنتشر عدواه بينهم فيما يُعرف بتأثر فيرتر Werther effect -وهو اسم بطل رواية مسلسلة للأديب الألماني يوهان غوتة باسم آلام الشاب فيرتر 1774م -.

وكما أن الإلحاد يتركز في أكثر دول العالم إنكاراً للإله – كالدول الشيوعية كروسيا والصين أو الإلحادية كاليابان وشمال أوروبا – فلا تتعجبوا إذا استمرت المقارنة بين بعض (الجرائم الإنسانية) وملازمتها لتلك الدول المنكرة للإله ولو حتى المتسترة بالعلمانية والليبرالية!

ومن هذا المنطلق (العملي) و (الواقعي) في رؤية العلماء للتدين كحل ناجع للانتحار والإلحاد وويلاته: تم عقد الكثير من الدراسات والأبحاث في هذا الصدد على مدار السنوات الماضية!

وذلك مثل دراسة في عام 2004م سنتعرض إليها بعد لحظات أثارت ضجة كبيرة في أوساط الغرب! حتى وصل رد فعلها إلى اهتمام المجلات المساندة للتطور نفسه بذات المسألة ونشر بحث متعلق بها مثل مجلة العلوم والتي نشرت دراسة في 2008م باسم: (أصل وتطور التدين المجتمعي) (The Origin and Evolution of Religious Prosociality).. والتي حاولت في نهايتها التقليل من شأن نتائجها التجريبية المُظهرة لتفوق الدين في ضبط وتسهيل السلوكيات الاجتماعية وإيجابيتها مقارنة بالإلحاد واللادينية! حيث ادعت بأن المؤسسات العلمانية الحديثة قاربت على مساواة المقومات الدينية في ضبط هذه السلوكيات – وهو ما يعارضه الواقع من انتشار الانتحار والجرائم في الدول البعيدة عن الدين سواء المعلنة للإلحاد أو المتسترة بالعلمانية! – (للاستزادة يمكن قراءة التعليق على هذه الدراسة من موقع الشؤون العامة لجامعة كولومبيا البريطانية بكندا .

وأما الدراسة التي ذكرناها وتم نشرها في عام 2004م : فكانت أكثر وضوحاً وصراحةً في بيان ذلك الفرق الشاسع بين التدين والإلحاد في ضبط النفس والمجتمع والبعد عن الانتحار الذي يمثل قمة الفشل الإنساني! وهي تلك التي نشرتها مجلة الطب النفسي بأمريكا باسم (الانتماء الديني ومحاولة الانتحار (Religious Affiliation and Suicide Attempt)

وإليكم بعضا من الدراسة التي خرجت بالنتائج الفاضحة للحال المزري (النفسي والاجتماعي) للملاحدة وحاجتهم الماسة إلى الدين للعودة إلى (إنسانيتهم) الضائعة أو الهلاك!

وهي نفس النتائج التي يحث عليها الإسلام بخاصة من زواج وإنجاب وإيثار وأخلاق وصبر وحِلم وحُسن تعامل إلخ.

1- نسبة الانتحار لدى الملحدين أعلى ما يمكن!

2- نسبة الانتحار كانت أعلى لدى غير المتزوجين!

3- نسبة الانتحار قليلة بين مَن لديهم أطفال أكثر!

4- الملحدون أكثر عدوانية من غيرهم!

5- الإنسان المؤمن أقل غضباً وعدوانية واندفاعاً!

6- الدين يساعد على تحمل أعباء الحياة والإجهادات ويقلل فرص الإصابة بالاضطرابات النفسية المختلفة!

7- الملحدون كانوا أكثر الناس تفككاً اجتماعياً، وليس لديهم أي ارتباط اجتماعي لذلك كان الإقدام على الانتحار سهلاً بالنسبة لهم!

8- ختمت الدراسة بتوصية: إن الثقافة الدينية هي علاج مناسب لظاهرة الانتحار!

الخاتمة:

حتى الانتخاب الطبيعي المزعوم يرفض إلحادك أيها الملحد!

تخيل؟! فإنه حتى انتخابك الطبيعي المزعوم الذي اتخذته من دون الله عز وجل لتفسر به نشأة الحياة: هو يرفض إلحادك أيها الملحد! وهذه ليست مزحة والله ولكنها نتائج بحثية موثقة بأعداد المواليد وغيرها مما يثبت أن الإلحاد هو (سبب) في تناقص أعداد البشر وهلاكهم، ولذلك (يجب) التخلص منه و(انتخاب) المؤمنين لأنهم القادرين على البقاء – البقاء للأصلح!

ويا لها من مفارقة !

الهامش:

[1] – إضافة المحررة