الرد على شبهة حول أصحاب الكهف:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى صحبه أجمعين ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

تقول الشبهة التي أثارها المشككون والمشاغبون من النصارى وعلى رأسهم (عماري) و (رشيد)،
قالوا أن قصة أصحاب الكهف هي قصة منحولة من الأساطير النصرانية حيث أن قصة النوام السبعة هي اسطورة مسيحية لا وجود لها،
وقال (عماري): أن كفار مكة واليهود امتحنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه القصة (الأسطورة) ولم يأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حسبانه أنها قصة غير حقيقية لا وجود لها.

كلمة قبل الرد:
ولآخر لحظة كنت أرفض الرد على هذه الشبهة لماذا؟
لأن الله سبحانه وتعالى نهى رسوله صلى الله عليه وسلم عن مماراة الكفار وغيرهم في قصة أصحاب الكهف بقوله تعالى: {(…..فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا(22) –الكهف}.

والله سبحانه وتعالى هو أعلم لماذا نهى رسوله صلى الله عليه وسلم،
ولكن عماري وغيره لا يتقي الله ويصر على تخطئة القرآن الكريم والتسفيه بسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم، ولهذا السبب فإني سأرد على عماري وغيره في هذا الموضوع وإني لأبرئ الى الله العظيم مما يترتب أو ينتج عن هذا الرد من نتائج سلبية تنعكس على أهل الكتاب أنفسهم.
وكل ما ينتج عن الرد من سلبيات تنعكس في مجملها على أهل الكتاب، كل هذا يتحمل مسؤوليته (عماري) وغيره وهو وزر في رقابهم يوم القيامة.

الرد:

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا، أما بعد:

اعلم أخي القارئ أن ما يفعله عماري ورشيد وغيرهم من مشاغبي أهل الكتاب، هو بكل بساطة محاولة مستميتة لضخ الشبهات المثارة على كتابهم المقدس،

فعلى سبيل المثال عندما يقول لك (عماري) بأن الإسلام أصله من الديانة الزرادشتية، فهذه بكل بساطة شبهة مثارة من علماء التاريخ وأهل التحقيق على الكتاب المقدس، لماذا؟ لأن بني إسرائيل تعرضوا للسبي البابلي ثم جاءت الدولة الفارسية ذات الديانة الزرادشتية ففتحت أرض بابل (العراق) ولبث بنو إسرائيل في كنف الفرس الزرادشتين مدة زمنية وتأثر اليهود بالزرادشتين وفي ذلك الحين كان العهد القديم في طور التدوين كونه كان مفقودا بسبب ما فعله نبوخذ نصر من تدمير للقدس،
فجاء أهل التحقيق والتاريخ فوجدوا بعض الأمور المشتركة بين الزرادشتين واليهود وغيرها من أساطير البابلين وغيرهم، فما كان منهم إلا أن بدأوا بإثارة الشبهات حول الكتاب المقدس فقالوا العهد القديم من الزرادشتية وأساطير بابلية، كلها ضخت الى التوراة،

ويمكن لمن أراد أن يتحقق من صحة هذا الكلام أن بحث عنه على الشبكة بنفسه.

فجاء هذا
(عماري) فبدأ يردد مثل الببغاء هذه الشبهة على دين الإسلام.

وقد أثبتنا فيما مضى أن لا علاقة للإسلام بالديانة الزرادشتية ولا غيرها لا من قريب ولا من بعيد.

ونفس الشيء ينطبق على قصة أصحاب الكهف في دين عماري (النصراني) حيث أن قصة أصحاب الكهف في النصرانية (النوام السبعة) وبعد تحقيق علماء التاريخ فيها تبين لهم على أنها اسطورة لا وجود لها.

يا أخي وما علاقتنا نحن المسلمين بخرافات وأساطير النصارى، فإذا كان النصارى لا يتحققون من رواياتهم وأسانيدها فيما مضى. وإذا كان النصار يقتبسون القصص من غيرهم ليجعلونها في دينهم، فما علاقتنا نحن في أخطائهم.

والحمد لله على بيانها بأنها اسطورة في دين النصارى، لأنها لو لم تكن كذلك لكانوا أتوا إلينا وقالوا أنظروا الى كيف أن قرآنكم يصدق الصليب إذ أن أصحاب الكهف خرجوا في عهد الصليبين.

والآن يقول (عماري) وغيره بأن قصة أصحاب الكهف لا وجود لها لا في العهد القديم ولا في التاريخ ولا في الآثار!!!!!!!!!!!!!!!
آآآآآهآآآآ!!! أهلا وسهلا لقد دست في كرش الموضوع:

يا عماري عهدك القديم كله لا وجود له في لا في التاريخ ولا في الآثار ولا في أي من مدونات الدول والممالك التي قيل في التوراة أن بنو إسرائيل وأنبيائهم عايشوها!
أين هو ذكر موسى صلى الله عليه وسلم في مدونات الفراعنة!
لا وجود له ولا لبني اسرائيل!

أين هو ذكر بني إسرائيل وأنبياءهم في المدونات البابلية والآشورية والمصرية الفرعونية والشامية والفينيقية والتدمرية وا وا الخ،

ألا تقول التوراة بأن نبوخذ نصر دمر القدس وسبى بني إسرائيل الى أرض بابل! إذا فأين هو ذكرهم في المدونات البابلية!
لا يوجد للتوراة ولا لتاريخ بني إسرائيل ولا أنبيائهم أي أثر في تاريخ الأمم يذكر!

وها هي آثار الحضارات والمدونات الشامية والمصرية والفرعونية والفينيقية والبابلية والآشورية والكلدانيو والتدمرية كلها أمام (عماري) وأنا أتحداه بأن يأتي لنا بأثبات منها على كتابه.
لا يوجد.

وهذا ما دفع الأستاذ الكبير الدكتور. كمال الصليبي الى تأليف كتابه الشهير “التوراة جاءت من جزيرة العرب”
وهو أستاذ جامعي منذ ثلاثة عقود يدرس مادة التاريخ وعرف بموضوعيته وجديته في دراساته التاريخية العديدة التي تناولت بعض الأقطار العربية.وناقش مضمون كتابه مع عدد من المختصين العرب في عدد من المؤسسات العلمية العربية قبل أن يضعه بصيغته النهائية.
وللعلم أن الأستاذ كمال الصليبي نصراني الدين.
وهل وصل الأستاذ كمال الصليبي الى الحل، لا طبعا فقد رد عليه الكثير من علماء التاريخ ورفضوا النظرية من أساسها.

والسؤال هنا، إذا كان نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم لا وجود لذكره والتوراة لا وجود لذكرها فهل يعني هذا أن نبي الله موسى عليه السلام غير موجود؟

وإن كانت التوراة لا تتطابق أحداثها مع المدونات التاريخية للأمم والممالك التي عاصرت بني إسرائيل ولا وجود فيها لبني إسرائيل فهل هذا يعني بأن أحداث التوراة غير صحيحة؟

وضف إلى ذلك بأن علماء التاريخ الغربين والمستشرقين منهم على وجه التحديد أثاروا الكثير من الشبهات حول الكتاب المقدس فقالوا بأنه يحوي على شخصيات منحولة ومن ضمنها شخصيات هامة وأساسية في التواراة لا نجرئ على ذكرها خوفا من الله
قالوا بأنها من أساطير تاريخية قديمة لا وجد لها!

فإن أثار المستشرقون الملحدون مثل هذه الشبهات حول التوراة، فهل هذا يعني بأن التوراة غير صحيحة وهل هذا يعني بأن شخصياتها لا وجود لها؟

ومن ناحية أخرى فإن حرف اليهود توراتهم وأخفوا كثيرا من أحداثها فهل ندفع نحن المسلمين الثم، ثم هذا ليأتي شخص كذاب مثل (عماري) ويقول لنا كما قال سابقوه أساطير الأولين،

قال تعالى:
{وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا ۙ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ(31) –الأنفال}.
وقال أيضا:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ۙ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ(24) –النحل}.
وقال أيضا:
{وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(5) الفرقان}.

والسؤال الثاني، هناك من الذين أثاروا شبهات حول الإنجيل وحول شخصية المسيح فيه فقالوا بأن الإنجيل كتاب منحول من أسطورة (كريشنة)!

ويمكن للأخ القارئ البحث عن وجه التشابه بين أنجيل النصارى وشخصية كريشنة بنفسه.

فهل هذا يعني بأن المسيح شخصية مخترعة ومنحولة من خرافات الأولين؟

النصارى يقولون بأن المسيح ابن الله (والعياذ بالله) ومنهم من يقول بأنه إله بحد ذاته (والعياذ بالله) ومنهم من يقول بأنه ثالث ثلاثة. وهناك أثار ثابتة تثبت بأن عقيدة النصارى هي عقيدة الثالوث الوثنية بحد ذاتها ولا فرق بينهما، وفي هذه الحالة فهل هذا يعني بأن القرآن على خطأ يا سيد عماري، لماذا لا تلتفت الى هذه الحقائق مثلا….

تماما مثلما وصفهم الله سبحانه في القرآن الكريم بقوله تعالى:
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ(30) –التوبة}.

وقال تعالى:
{لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ۗ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(17) – المائدة}.

باختصار الكتاب المقدس بما فيه العهد القديم والجديد يحوي على الكثير من الخرافات التي ضخت إليه من أساطير ومعتقدات الأولين،

والقرآن الكريم أنزله الله تعالى مهيمنا على الكتب التي سبقته وهو في هذه الحالة يبين ما في العهدين من صحيح وسقيم.

قال تعالى:
{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(48) –المائدة}.

————-
ثالثا:
لا يوجد في القرآن الكريم شيء اسمه الأساطير، لماذا؟

لأن كتاب الله تعالى فيه الأمثال، ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يدعون بأنه أحرج وارتبك وأخطأ وهو من ألف هذا، فكان بإمكانه لو أنه كان كما يزعمون لقال: (واضرب لهم مثلا أصحاب الكهف)، كان بإمكانه أن يحول القصة الى مثل ويعطيهم إجابة تحرجهم فلا يستطيعون ردها، على سبيل المثال انظر الى القصة المذكور في سورة الكهف نفسها في قوله تعال:
{ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا(32) –الكهف}.

دعنا نتوقف هنا قليلا على سؤال صغير لماذا لا يستطيع المشكك أن يطعن في هذه القصة القرآنية الجميل، لأنها جاءت على سبيل المثل في قوله تعالى: (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ)،؟
لأنها جاءت على سبيل المثل ومع أن المسلم يقرأها على أنها قصة واقعة في الأمم السابقة إلا أنه لا يوجد أدنى ثغرة للمشكك لأن يثير عنها شيئا حولها.

…………..
والحاصل أن مصادر أهل الكتاب ومراجعهم لا تهمنا إلا في حال إقامة الحجة عليهم، والشبهات الواقعة على كتبهم لا تصيب كتابنا، ولهم دينهم ولنا ديننا ولهم كتابهم ولنا كتابنا ولهم رسلهم عليهم السلام، ولنا رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو الصادق الأمين قال تعالى يمتدح رسوله:

( 40 ) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
( 41 ) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ ۚ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ
( 42 ) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ
( 43 ) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ
( 44 ) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ
( 45 ) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ
( 46 ) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ
( 47 ) فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ

………………

رابعا:

ما أورده بعض المفسرون والمأخوذ عن الرواية النصرانية لا تعبر بالضرورة إلا عن آرائهم وللعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى المسلمين عن سؤال أهل الكتاب لما ورد في الحديث الذي رواه البخاري:

عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم الآية. رواه البخاري.

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

قوله : باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ) هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه أحمد وابن أبي شيبة والبزار من حديث جابر أن عمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ، فقرأه عليه فغضب وقال : لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني ورجاله موثقون إلا أن في مجالد ضعفا

وأخرج البزار أيضا من طريق عبد الله بن ثابت الأنصاري أن عمر نسخ صحيفة من التوراة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء وفي سنده جابر الجعفي وهو ضعيف ، واستعمله في الترجمة لورود ما يشهد بصحته من الحديث الصحيح ،

وأخرج عبد الرزاق من طريق حريث بن ظهير قال ” قال عبد الله لا تسألوا أهل الكتاب فإنهم لن يهدوكم وقد أضلوا أنفسهم فتكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل ، وأخرجه سفيان الثوري من هذا الوجه بلفظ لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل وسنده حسن ،

قال ابن بطال عن المهلب : هذا النهي إنما هو في سؤالهم عما لا نص فيه ، لأن شرعنا مكتف بنفسه فإذا لم يوجد فيه نص ففي النظر والاستدلال غنى عن سؤالهم. أنتهى.

وتصديقا على قول ابن بطال: النصارى لا يملكون نصا لأصحاب الكهف في كتابهم (الإنجيل).

وقال تعالى: (فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا(22) –الكهف.

لماذا نهى الله تعالى عن الجدال معهم في قصة أصحاب الكهف؟
لأنه وبكل بساطة لا أحد منهم يملك القصة الحقيقية.

لماذا لم يأتي على ذكر موقع الكهف ومكانه؟

أخي القارئ بكل بساطة لو أنك تمعنت في قوله تعالى:

{ وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا(21) –الكهف}.

فإنك ستجد جوابا لهذا السؤال، لاحظ قوله تعالى: (وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ)
أحب الله تعالى بأن يبين للناس آية من آياته حتى يؤكد لهم وقوع يوم القيامة وأن وعده حق واقع لا محال، فماذا حصل؟
والذي حدث أن الناس تنازعت فيما بينها والله أعلم بما هو النزاع على وجه التحديد،

قال ابن كثير:
والظاهر أن الذين قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنفوذ . ولكن هل هم محمودون أم لا ؟ فيه نظر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” لعن الله اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ” يحذر ما فعلوا. انتهى. .

وفي التفسير الميسر:
( 21 ) وكما أنمناهم سنين كثيرة، وأيقظناهم بعدها، أطْلَعنا عليهم أهل ذلك الزمان، بعد أن كشف البائع نوع الدراهم التي جاء بها مبعوثهم؛ ليعلم الناس أنَّ وَعْدَ الله بالبعث حق، وأن القيامة آتية لا شك فيها، إذ يتنازع المطَّلِعون على أصحاب الكهف في أمر القيامة: فمِن مُثْبِتٍ لها ومِن مُنْكِر، فجعل الله إطْلاعهم على أصحاب الكهف حجة للمؤمنين على الكافرين. وبعد أن انكشف أمرهم، وماتوا قال فريق من المطَّلِعين عليهم: ابنوا على باب الكهف بناءً يحجبهم، واتركوهم وشأنهم، ربهم أعلم بحالهم، وقال أصحاب الكلمة والنفوذ فيهم: لنتخذنَّ على مكانهم مسجدًا للعبادة. وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، ولعن مَن فَعَلَ ذلك في آخر وصاياه لأمته، كما أنه نهى عن البناء على القبور مطلقًا، وعن تجصيصها والكتابة عليها؛ لأن ذلك من الغلو الذي قد يؤدي إلى عبادة مَن فيها. انتهى..

والوسيط الطنطاوي عن الألوسي:
قال الآلوسى: واستدل بالآية على جواز البناء على قبور الصلحاء، واتخاذ مسجد عليها، وجواز الصلاة في ذلك وممن ذكر ذلك الشهاب الخفاجي في حواشيه على البيضاوي. وهو قول باطل عاطل، فاسد كاسد. فقد روى أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج» .

وزاد مسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد فإنى أنهاكم عن ذلك» .

وروى الشيخان عن أبى هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد..».

ثم حكت السورة بعد ذلك ما أثير من جدل حول عدد أصحاب الكهف وأمرت النبي صلّى الله عليه وسلم أن يكل ذلك إلى الله- تعالى- وحده، فقال- سبحانه. انتهى.

———-

وكما قرأنا، أعثر الله سبحانه وتعالى على أصحاب الكهف لتكون آية وحجة وليبين للناس بأن وعده الحق والساعة حق. فحدث النزاع والاختلاف بين الناس، وهذا ما زمه الله تعالى ونهى عنه رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.

ولهذا فلا حاجة لنا لأن نعلم أين هو الكهف ومن هم أصحابه فلا ينقصنا هذا النزاع ولا هذه الفتنة، هذا وأن بعض المشايخ من الذين أحلوا ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتخاذ القبور مساجد، فراح الخاطئون يتخذون من قوله تعالى: (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا) حجةً على معتقداتهم الخاطئة فاتخذوا من القبور مساجد ومزارات تقدس والعياذ بالله .
———-

وأحب أن أوجه كلمة للأخوة من أهل الكتابين، بأن الرد لا يتقصدكم إنما هو موجه ليستهدف المشاغبين والذين بدلا من أن يأتوا ليستشهدوا ويستدلوا على الحق يذهبون لكي يثيرون شبهات لا صحة لها.
وكما أنه لا يناسبنا ولا نرضى بأن تثار الشبهات حول كتبكم، قال تعالى في كتابه العزيز:
{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(46) -العنكبوت}.

الى هنا ولم ننتهي ويتبع بإذن الله تعالى، وأسأل الله بأني قدمت ما ينفع القارئ فإن أصبت فبفضل من الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.

ونختم بقوله تعالى:

( 44 ) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَىٰ ۖ كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ ۚ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ۚ فَبُعْدًا لِّقَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ
( 45 ) ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
( 46 ) إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ
( 47 ) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ
( 48 ) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ
( 49 ) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
( 50 ) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ
( 51 ) يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
( 52 ) وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ
( 53 ) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
( 54 ) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ
( 55 ) أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ
( 56 ) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ۚ بَل لَّا يَشْعُرُونَ
( 57 ) إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ
( 58 ) وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ
( 59 ) وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ
( 60 ) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ
( 61 ) أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ
( 62 ) وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ ۚ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
( 63 ) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَٰذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذَٰلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ
( 64 ) حَتَّىٰ إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ
( 65 ) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ ۖ إِنَّكُم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ
( 66 ) قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ
( 67 ) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ
( 68 ) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ
( 69 ) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ
( 70 ) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ ۚ بَلْ جَاءَهُم بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ
( 71 ) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ
( 72 ) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
( 73 ) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ

( 74 ) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ
//سورة المؤمنون//