الرد الوجيز لهدم التنصير والتكريز (3)

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى، لا سيما المصطفى، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى.

أما بعدُ:

فما زلنا مع هذه السلسلة المباركة، وفي هذا الجزء من البحث سوف نتعرض للمعجزات التي فعلها المسيح؛ لأن النصارى يعتقدون أن المعجزات التي فعلها المسيح دليلاً على ألوهيته، ولو كانت المعجزات دليلاً على الألوهية لصار كل الأنبياء آلهة.

ولو ألقينا نظرة على كتاب النصارى الموسوم بـ(الكتاب المقدس)، لوجدنا أن يسوع لم ينفرد بالمعجزات وحده، بل في الكتاب نفسه نجد أن هناك من الأنبياء من فعل معجزات هي أقوى من معجزات يسوع، فلماذا لم يؤله النصارى هؤلاء الأنبياء لِمَا قاموا به من المعجزات؟ ولقد قام يسوع كما في (الكتاب المقدس) بمعجزات؛ منها: شفاء العميان والبرصان، وأخطرها على الإطلاق أنه أحيا العاذر الميت، لكن المدقق في الكتاب المقدس والباحث في هذا الموضوع، سيتوقف عند بعض النصوص التي تقول: إن معجزات أخرى لأنبياء آخرين في الحقيقة تفوق معجزات يسوع.

وهاك هي بعض معجزات الأنبياء من الكتاب المقدس:

إيليا يحيي طفلاً ميتًا:

• جاء في سفر الملوك الأول (17 -17): “وَبَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ مَرِضَ ابْنُ الْمَرْأَةِ صَاحِبَةِ الْبَيْتِ وَاشْتَدَّ مَرَضُهُ جِدًّا حَتَّى لَمْ تَبْقَ فِيهِ نَسَمَةٌ.

1- فَقَالَتْ لإِيلِيَّا: «مَا لِي وَلَكَ يَا رَجُلَ اللهِ! هَلْ جِئْتَ إِلَيَّ لِتَذْكِيرِ إِثْمِي وَإِمَاتَةِ ابْنِي؟».

2- فَقَالَ لَهَا: «أَعْطِينِي ابْنَكِ»، وَأَخَذَهُ مِنْ حِضْنِهَا وَصَعِدَ بِهِ إِلَى الْعُلِّيَّةِ الَّتِي كَانَ مُقِيمًا بِهَا، وَأَضْجَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ.

3- وَصَرَخَ إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي، أيضا إِلَى الأَرْمَلَةِ الَّتِي أَنَا نَازِلٌ عِنْدَهَا قَدْ أَسَأْتَ بِإِمَاتَتِكَ ابْنَهَا؟».

4- فَتَمَدَّدَ عَلَى الْوَلَدِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَصَرَخَ إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «يَا رَبُّ إِلهِي، لِتَرْجعْ نَفْسُ هذَا الْوَلَدِ إِلَى جَوْفِهِ».

5- فَسَمِعَ الرَّبُّ لِصَوْتِ إِيلِيَّا، فَرَجَعَتْ نَفْسُ الْوَلَدِ إِلَى جَوْفِهِ فَعَاشَ”.

• إليشع يحيي ميتًا وهو ميت: – في سفر الملوك الثاني (13 -21): ” وَفِيمَا كَانُوا يَدْفِنُونَ رَجُلاً إِذَا بِهِمْ قَدْ رَأَوْا الْغُزَاةَ، فَطَرَحُوا الرَّجُلَ فِي قَبْرِ إلِيشَعَ، فَلَمَّا نَزَلَ الرَّجُلُ وَمَسَّ عِظَامَ أَلِيشَعَ عَاشَ وَقَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ”.

حزقيال أحيا جيشًا كاملاً:

• في سفر حزقيال (37 -9): ” فَقَالَ لِي: «تَنَبَّأْ لِلرُّوحِ، تَنَبَّأْ يا ابن آدَمَ، وَقُلْ لِلرُّوحِ: هكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلُمَّ يَا رُوحُ مِنَ الرِّيَاحِ الأَرْبَعِ وَهُبَّ عَلَى هؤُلاَءِ الْقَتْلَى لِيَحْيَوْا».

فَتَنَبَّأْتُ كَمَا أَمَرَني، فَدَخَلَ فِيهِمِ الرُّوحُ، فَحَيُوا وَقَامُوا عَلَى أَقدَامِهِمْ جَيْشٌ عَظيمٌ جِدًّا جِدًّا.

“فمن المعلوم أن معجزة إحياء الموتى من أعظم المعجزات، فها قد شارك يسوعَ في هذه المعجزة هؤلاء الأنبياء، فلِمَ لمْ يدَّعِ أحد منهم أنه إله.

بل إنك واجدٌ أن يسوع نفسه أعلن بكل صراحة أنه لم يفعل أي شيء من نفسه، فكل الأفعال دفعت إليه من أبيه (الآب)، فمثلاً نجد يسوع يقول: – في إنجيل يوحنا (5 -30): ” أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا”.

• وفي إنجيل يوحنا أيضًا (5 -19): ” فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. ” – وفي إنجيل متى (11 – 27): “كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي”.

وبهذا ينجلي لكل ذي عينين من البشر أن يسوع لا يستطيع أن يفعل معجزة من قبل نفسه مطلقًا.

فهذه نصوص صريحة في عدم ألوهية المسيح، لكن النصارى اليوم طبع الله – عز وجل – على قلوبهم وعلى سمعهم، وعلى أبصارهم غشاوة، فالله الهادي إلى سواء السبيل، وتبت يد الباغي وتب.

ولعلنا نتعرض لبحوث أخرى تكشف عوارهم، والله – سبحانه – الموفق للخير.

وصلى الله وسلم وبارَك على نبينا محمد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.

المصدر: المختار الإسلامي