الحوار الإسلامي .. المسيحي!!

الشيخ صفوت الشوادفي 

عاش المسلمون والنصارى حينًا من الدهر في وئام ووفاق، وتمسك ‏المسلمون -وما زالوا يتمسكون- بالمبادئ العظيمة التي قررها الإسلام، ‏ونطق بها القرآن: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ.. ﴾ [البقرة: 256].

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

 

وبعد:‏

فإن الله عز وجل قد أكمل لنا ديننا، وأتم علينا نعمته، ورضي لنا الإسلام ‏دينًا، وإن من ثوابت الإسلام أننا نؤمن بإله واحد لا شريك له، كما نؤمن ‏بجميع الرسل الذين أرسلهم الله إلى خلقه، لا نفرق بين أحد من رسله، ‏صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.‏

 

ولقد عاش المسلمون والنصارى حينًا من الدهر في وئام ووفاق، وتمسك ‏المسلمون – وما زالوا يتمسكون – بالمبادئ العظيمة التي قررها الإسلام، ‏ونطق بها القرآن: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [سورة البقرة: 256]، ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ ‏وَلِيَ دِينِ ﴾ [سورة الكافرون: 6]، ثم نجح اليهود – للأسف – في إفساد هذه ‏العلاقة، وإثارة الفتنة كلما وجدوا فرصة سانحة.‏

 

وحدثت مناقشات ومجادلات ومواجهات واتهامات!!، وتمخضت هذه الأمور ‏وغيرها عن ثلاثة مصطلحات شائعة ومعلنة بين المسلمين والنصارى هي:‏

‏• الحوار.

• التنصير.

• الاضطهاد.‏

 

‎ ‎أما التنصير الذي يسمونه التبشير، فقد استعمل فيه الغرب المسيحي ‏وسائل غير مشروعة، كان على رأسها الاستعمار الغربي للدول المسلمة، ‏والذي تم تسخيره لخدمة أغراض التنصير؛ ولقد نجحوا وقتها في إخفاء ‏بندقية المقاتل في قلنسوة الراهب!!، واقترن التنصير بالغذاء، والكساء ‏والدواء والكتاب؛ وبعد انهيار الشيوعية في ألبانيا المسلمة كان يقدم ‏للمسلمين الذين أنهكهم الجوع الإنجيل والطعام!‏!

 

وانتهى الاستعمار العسكري وحل محله الغزو الثقافي والاقتصادي، حتى ‏أصبح الكثير منًا يفكر بعقولهم، ويتكلم بلسانهم، ويستورد منهاجهم، ويحذو حذوهم!!!، ويتغنى بحضارتهم إلى غير ذلك مما لا يخفى على ذي ‏عينين.‏

 

وأما الاضطهاد فهو دعوى كاذبة، وأوهام لا أساس لها يطلقها نصارى ‏الغرب ويهود أمريكا من حين لآخر، ويحثهم على هذا أقوام من ‏الشرق!!؛ لحاجة في نفوسهم، وشيء أخفوه في قلوبهم: ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ ‏عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة يوسف: 21].‏

 

‎ وأما الحوار الإسلامي المسيحي فقد تحمس له الفاتيكان بشدة، حتى ‏إنه شكل مكتبًا خاصًّا في عام 1967 م أطلق عليه اسم (المجلس البابوي ‏للحوار بين الأديان).‏

 

ومع أن الهدف الأعلى للحوار ينبغي أن يكون تقوية فاعلية الدين، وتعميق تأثيره ‏الروحي لتحقيق تماسك الأسرة والمجتمع، وإعادة القيم والفضائل الغائبة.‏

 

إلا أن كنيسة الفاتيكان قد خرجت بالحوار عن مساره الصحيح، عندما ‏أعلنت، بل أكدت بوضوح على أن الحوار يخدم أغراض التبشير (التنصير)؛ وهذا يعني فتح آفاق جديدة من خلال الحوار لتنصير المجتمعات المسلمة!!‏

 

ولذلك فإننا نورد هنا نماذج من الحوار والتساؤلات المطروحة من كلا الطرفين ‏‏(المسلم، والمسيحي)، ومنها سيتضح بجلاء مدى سيطرة اليهود على أنماط ‏التفكير عند نصارى الغرب وأمريكا على سواء!‏!

 

ونترك القارئ الكريم مع الحوار والتساؤلات:‏

د. خالد عكشة (مسيحي أردني) مسؤول الشؤون الإسلامية في المجلس ‏البابوي – الفاتيكان:‏

أرجو من الزملاء في الوفد الإسلامي أن يتسع صدرهم لتكرار تساؤلنا حول ‏عدم سماح المملكة العربية السعودية ببناء كنائس على أرضها، رغم أنه ‏يوجد الآن في السعودية قرابة نصف مليون مسيحي كاثوليكي مع نصف ‏مليون مسيحي من الكنائس الأخرى، مما يجعلنا نشعر بأن الأقلية المسيحية ‏في السعودية لا تتمتع بحقها الديني وممارسة عباداتها أسوة بالأقليات ‏المسلمة في ديار الغرب المسيحي، وقد أجيب على النحو التالي:‏

1- نؤكد للزميل د. خالد، ولجميع أعضاء الوفد الكاثوليكي بأن تكرار ‏هذا السؤال لا يحرجنا ولا يزعجنا؛ لأن الإجابة عليه هي من الثوابت ‏عندنا التي لا تقبل المجاملة والمساومة؛ ولأنها قضية عقدية محسوم ‏أمرها في قيمنا الإسلامية من القرآن والسنة.‏

 

‏2- إن جوابنا الثابت والذي سبق أن وضَحناه في كل مناسبة يثار معها هذا ‏السؤال يتلخص بأننا نحن المسلمين نعتقد ونحسب أنكم في الكنيسة ‏الكاثوليكية تعتقدون كذلك بأنه يجب أن يكون لكل عقيدة دينية، وحصانة ‏جغرافية خاصة بها، لا تشاركها ولا تعايشها في تلك الجغرافية عقيدة دينية ‏أخرى، لكي يتوفر للعقيدة الدينية الحرية والاستقلالية المطلقة في الأرض ‏الخاصة بها، فمثلا أنتم الكاثوليك اتخذتم من حدود الفاتيكان الحصانة ‏الجغرافية للعقيدة الكاثوليكية، وأعلنتم أن دولة الفاتيكان هي دولة العقيدة ‏الكاثوليكية، وأنها المعنية برعاية أتباع شؤون العقيدة الكاثوليكية في العالم، وحرصًا منكم على حرية وصفاء مرجعية العقيدة الكاثوليكية ترفضون أن ‏يشارككم أو يتعايش معكم في حدود الفاتيكان أحد من أتباع الكنائس ‏المسيحية الأخرى، ولا تسمحون ببناء كنائس في داخل الفاتيكان لأتباع ‏الفرق المسيحية الأخرى مثل: البروتستانت، أو الأرثوذكس، وغيرهم، ‏وطبعًا لا تسمحون ببناء مسجد للمسلمين في داخل حدود الفاتيكان لتضمنوا ‏للعقيدة الكاثوليكية عدم اختلاطها مع المفاهيم العقدية الأخرى معها… ‏ونحن المسلمين اعتقادًا منا بهذا المبدأ السليم الذي قررته النصوص الشرعية ‏وأكد عليه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قرر أن الجزيرة ‏العربية كلها تمثل الحصانة الجغرافية لعقيدة الإسلام، ولا يجوز أن ‏يشاركها أو يتعايش معها في هذه الجغرافية أي عقيدة دينية أخرى، فهي ‏جغرافية حرة لعقيدة الإسلام، أما خارج هذه الجغرافية العقدية لشريعة ‏الإسلام؛ أي خارج الجزيرة العربية، فها هي كنائسهم تجاور مساجدنا في ‏بلدان المسلمين، والمسيحيون هناك يتمتعون بكل حريتهم التعبدية والوطنية، بل إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عندما قدم إلى القدس ورغب ‏المسيحيون من أهل القدس أن يدخل عمر، رضي الله عنه، كنيسة القيامة، ‏وأن يصلي فيها، رفض عمر تلك الرغبة، وقال: “أخشى أن يقول المسلمون: ‏هنا صلى عمر؛ فيتخذها المسلمون مسجدًا”، وكما تعلمون أن مفتاح كنيسة ‏القيامة لا يزال حتى يومنا هذا بيد عائلة مسلمة، بعد أن اتفق المسيحيون ‏من الطوائف المختلفة على هذا الأمر، بسبب من الخلاف الذي نشب بينهم ‏على شرف حمل مفتاح الكنيسة، بعد أن تراضوا على اقتسام داخل الكنيسة ‏وتنازعوا في شأن الباب من يحمل مفتاحه، فكان الحل أن أسند هذا الأمر ‏لأحد المسلمين، ارتضوه لهذا الأمر من دونهم، أما قولكم: إن هناك مليونًا ‏من الطوائف المسيحية المختلفة؛ منها نصف مليون كاثوليكي في المملكة ‏العربية السعودية، فلا نريد أن ندخل معكم في جدل حول هذا الرقم المبالغ ‏فيه، والذي نعتقد أنه يحتاج إلى كثير من الدقة والمراجعة، ولكن نريد أن ‏نؤكد لكم أنه لا يوجد في المملكة العربية السعودية مواطن واحد غير مسلم أو ‏يقيم إقامة دائمة، وأن جميع غير المسلمين من مسيحيين وغيرهم قد قدموا ‏إلى المملكة بعقود عمل مؤقتة، وأن عقود العمل تشترط على غير المسلم ‏احترام والتزام آداب وأعراف وتقاليد المملكة العربية السعودية، والعقد كما ‏هو معلوم ملزم لأطراف التعاقد، لذا فإن المتعاقد غير المسلم بنص عقد العمل ‏مطالب بقبول هذا المبدأ الإسلامي، وهو في عقد العمل صاحب خيار لا أحد ‏يجبره على الاستمرار إن وجد أن عدم بناء الكنيسة يشكل أمامه عقبة أو ‏مشكلة دينية، أما عن ممارسة الطقوس الدينية الفردية، فالمعروف أن ‏المملكة العربية السعودية لا تمنع أحدًا من المسيحيين أن يمارس حريته ‏الدينية في منزله أو في السفارات والقنصليات، بل إن نظام المملكة يسمح بفتح ‏مدارس خاصة بأبناء الجاليات التابعة للسفارات والقنصليات. ‏

 

أما قولك: بإعطاء حق الممارسة الدينية وبناء الكنائس للمسيحيين في المملكة ‏أسوة بالأقليات المسلمة في ديار الغرب المسيحي، نود أن نؤكد أن هذه المقارنة ‏والمقابلة فيها كثير من المغالطة للأسباب التالية:‏

‏1- الأقليات المسلمة في ديار الغرب المسيحي هي أقلية وطنية؛ فالكثير ‏من المسلمين هناك من أهل البلاد الأصليين والقسم الآخر حصلوا على ‏الجنسية، فهم مواطنون بالتجنس، والقسم الثالث مهاجر ولهم صفة ‏الإقامة الدائمة، لذا فإنه من المغالطة أن تقارن مجموعات وظيفية ‏متعاقدة لفترة محدودة وفق عقد وشروط محددة في السعودية مع أقلية ‏وطنية أو أقلية لها صفة المواطنة في ديار الغرب.‏

 

‏2- إن الأقليات المسلمة في ديار الغرب المسيحي خارج دولة الفاتيكان (دولة ‏العقيدة الكاثوليكية) تتمتع بأقل مما تتمتع به الأقلية المسيحية في معظم ‏ديار الشرق المسلم، مثل: مصر، وسوريا، وتركيا، وغيرها.‏

 

فالأقليات المسلمة في ديار الغرب المسيحي لا تزال تعاني الكثير من المحاربة ‏والمقاومة في أبسط خصوصياتها الدينية مثل قضية الحجاب والتعليم في ‏المدارس والجامعات، ولا يخفى عليكم أن بعض الجامعات في الغرب بدأت ‏تحظر على الطلاب المسلمين بعض الاختصاصات العلمية وقصرها على ‏المسيحيين من أبناء البلاد الأصليين!!‏

 

‏3- إن قولكم: إن المسلمين قد سمح لهم ببناء مسجد ومركز ثقافي كبير في ‏روما معقل الطائفة الكاثوليكية، وهذا يتطلب المعاملة بالمثل، فهذا أيضًا ‏فيه مغالطة تحتاج لإعادة نظر منكم في المقارنة؛ لأن روما هي عاصمة ‏الحكومة الإيطالية، وليست عاصمة الفاتيكان، وليست من أرض ‏الفاتيكان الذي يمثل الخصوصية الجغرافية للعقيدة الكاثوليكية، مثلما ‏أن المملكة العربية السعودية تمثل الخصوصية الجغرافية للعقيدة ‏الإسلامية، فإذا أردت أن تكون المقارنة مقبولة؛ فإيطاليا تقارن مع مصر ‏مثلا، حيث توجد الكنائس والمجالس البابوية في الإسكندرية والقاهرة، وقل مثل ذلك في إسطنبول، ودمشق، والمغرب، وكثير من بلدان ‏المسلمين.‏

 

‏4- أما عن تساؤلكم: أليست اليمن وبعض دول الخليج من الجزيرة ‏العربية؟، ومن ثم أليست هذه البلدان من أراضي الحصانة الجغرافية ‏لعقيدة الإسلام؟ فإن كان الجواب بالإيجاب!!… لماذا قبل المسلمون في هذه ‏البلاد بناء كنائس؟!… أليس هذا يعني أن فكرة القول بأن الجزيرة العربية ‏تمثل الخصوصية الجغرافية لعقيدة الإسلام إنما هي فهم سعودي فحسب ‏لا يشاركها به بقية المسلمين حتى في دول الجوار والذين هم من أرض ‏الجزيرة العربية؟‏

 

فلا شك أن اليمن ودول الخليج هي أجزاء من الجزيرة العربية، وهي داخلة ‏في حكم الخصوصية الجغرافية لعقيدة الإسلام، التي ما ينبغي أن يقوم فيها ‏دين آخر غير دين الإسلام، وشعوب هذه البلدان على مثل شعب المملكة ‏العربية السعودية اعتقادًا وإيمانًا بهذا المبدأ، إلا أن هذه البلدان خضعت ‏للاستعمار البريطاني وغيره في مرحلة من تاريخها، حيث قهرت إرادة ‏شعوبها وسلبت سيادتها على تصريف شؤونها الدينية والسياسية، وفي تلك ‏الظروف أقدم الاستعمار في تحدي إرادة هذه الشعوب، فأقام هذه الكنائس ‏طمعًا منه في تأصيل وجوده السياسي عن طريق تأصيل وجوده الديني، إذًا ‏هذه الكنائس لم تشيدها شعوب هذه البلدان، ولم تستأذن بأمرها، وإنما ‏الذي بناها هو الاستعمار البريطاني، منتهكًا بذلك أعراف وتقاليد وعقائد ‏أهل هذه البلدان المقهورة باستعمارهم وتسلطهم، أما وسط الجزيرة العربية ‏‏- أي المملكة العربية السعودية – فقد سلمت بفضل الله تعالى من أي استعمار ‏أجنبي، وبقيت على مدار تاريخها تُحكم بأبنائها المتمسكين بالإسلام ‏وشريعته إلى يومنا هذا، ولله الحمد. لذلك لم تتعرض لهذه الانتهاكات التي ‏تعرضت لها أطراف الجزيرة العربية.‏

 

هذا، ونود أن نؤكد أنه تم الاتفاق مسبقًا على عدم التطرق إلى حالات تخص ‏بلدانًا معينة، وإنما قضايا عامة.‏

 

أما وقد أثرتم هذه المسائل وقد سمعتم منا الأجوبة الواضحة الصريحة عليها، والتي عندنا المزيد من التوضيح والبيان بشأنها، ونحن بالمقابل لدينا ‏تساؤلات حول بعض القضايا منها:‏

‏1- تعلمون أننا نؤكد دائمًا وبنصوص واضحة من القرآن والسنة إيماننا ‏الكامل الصادق بجميع الأنبياء والرسل، وبكتب الله التي أرسلوا بها، ‏وأن إيماننا بكتب الله ورسله هو جزء لا يتجزأ من إيماننا بالقرآن ‏ورسولنا محمد – صلى الله عليه وسلم -، إلا أننا وإلى هذه الساعة لم نسمع ‏منكم، ولم يصدر عنكم تصريح واضح محدد عن إيمانكم بأن محمدًا – صلى ‏الله عليه وسلم – رسول الله، وأنه خاتم الرسل، وأن القرآن الكريم هو ‏كتاب الله الذي يمثل دين الله الكامل، وأنه يتضمن ما جاءت به الكتب ‏السماوية التي أرسل بها الرسل جميعهم، نعم لقد صدر عن المحفل ‏المسكوني الثاني تصريح يصف المسلمين بأنهم مؤمنون، وأنهم من الفئة ‏الناجية يوم القيامة، إلا أن هذا الكلام عام لا يمس جوهر الاعتراف ‏الحقيقي بالإسلام والمسلمين، ولذا فإننا نطالبكم إن أردتم الدخول في هذه ‏المسائل بالإعلان الصريح عن إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم بأنه نبي ‏مرسل، وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن القرآن الكريم هو كتاب الله ‏الكريم، وأنه خاتم الكتب والشامل لكل تعاليم الله تعالى للناس كافة.‏

 

‏2- تعلمون وتعتقدون بأن اليهود قد آذوا المسيح عليه السلام، واعتدوا عليه ‏وصلبوه (باعتقادكم)، وآذوا أمه العذراء البتول (سيدتنا مريم عليها ‏السلام)، واتهموها بالزنا، وخاضوا في عرضها، ومع ذلك لا نجد لكم ‏بعثة (تبشيرية واحدة) بين اليهود!!، بل عمدتم أخيرًا إلى تبرئتهم من ‏دم المسيح، وأنهم لم يصلبوه، مما هو مخالف لأصل اعتقادكم وشعاركم ‏الديني (الصليب)، الذي لا زلتم متمسكين به رمزًا لمأساة المسيح مع ‏اليهود، بينما هناك الآلاف من البعثات (التبشيرية) في المجتمعات ‏الإسلامية تعمل على تحويل المسلمين إلى المسيحية، أو تعمل على إفساد ‏عقائدهم وإبعادهم عن التمسك بإسلامهم، فهل هذا جزاء لإيماننا ‏بالمسيح وأمه البتول وتقديسنا لرسالته الربانية؟!‏

 

‏3- لقد أكثرتم من أخبار الأقليات المسيحية في العالم العربي والإسلامي ‏ومطالبتكم للمزيد من الحقوق والحريات، ولم نسمع منكم كلمة واحدة ‏عن المآسي التي يعاني منها المسيحيون الفلسطينيون في فلسطين المحتلة في ‏‏(بيت لحم، والخليل، والقدس، وغيرها)، رغم أنهم يتعرضون ‏هناك إلى ما يشبه الإبادة، وقد هجر معظمهم من بيوتهم وهدمت ‏كنائسهم، وحرموا من ممارسة طقوسهم الدينية، وها هو المطران ‏كبوشي لاجئ في روما، بعد أن أُبعد بالقوة من فلسطين، وأمثاله كثير ‏من رجال الدين، مثل: المطران قرمش، والمطران حنا، وغيرهم، ‏أليس عدم تعرضكم لحالة المسيحيين المأساوية في فلسطين هو نوع من ‏التعاطف مع اليهود على حساب حقوق المسيحيين والمسلمين العرب في ‏فلسطين؟‏

 

‏4- لقد انتهك اليهود حرمة الحرم الإبراهيمي المنسوب إلى أبي الأنبياء ‏سيدنا إبراهيم عليه السلام، وقتلوا المسلمين هم قائمون متعبدون يصلّون ‏لله تعالى، وآراقوا الدماء ومزقوا المصاحف وداسوها بأقدامهم، فلم نسمع ‏منكم كلمة احتجاج واحدة أو تساؤلاً صحفيًّا على الأقل!!، أو كلمة عزاء ‏للمسلمين تواسيهم في أكبر مجزرة اعتداء على حرمات الدين والمتدينين ‏في فلسطين!!.. أليس هذا مما يؤكد تعاطفكم مع اليهود على حساب ‏المسلمين وحقوقهم الوطنية الدينية في فلسطين؟، أو ليس من العدل أن ‏تستنكروا الظلم والعدوان!!‏

 

5- لقد جاء قرار الكونجرس الأمريكي الذي أعلن فيه أن القدس عاصمة ‏أبدية لدولة إسرائيل، كنتيجة للمظاهرة الكبرى التي نظمتها الكنائس ‏الأمريكية من كاثوليكية وغيرها، وقد حشدوا لها مليون مشارك من ‏أتباع الكنائس المسيحية تطالب بأن تكون القدس عاصمة لإسرائيل، ‏فكيف تريدون منا أن نفهم هذا التكامل بين موقف الكنائس وموقف ‏الكونجرس؟، أليس هذا مما يؤكد العداوة للإسلام والمسلمين في أخص ‏خصوصياتهم؟، ومع ذلك لم نسمع من الفاتيكان كلمة استنكار أو استفسار ‏عن هذا الموقف المؤذي للمسلمين في العالم، الذي يشكل اعتداءً صارخًا ‏على حقوق الفلسطينيين من مسيحيين ومسلمين في فلسطين، أوَ ليس هذا ‏انحيازًا واضحًا للاعتداء والظلم اليهودي المتزايد هناك.‏

 

6- ما كنا نرغب أن نتحدث بهذا ولا يزال لدينا المزيد مما نعلم أنه ‏يحرجكم، لولا أنكم فتحتم الباب لهذا المنحى في الحوار، ونحن على ‏استعداد كامل لتقديم الكثير والكثير من مواقف الخلل لدى الجانب ‏المسيحي ضد الإسلام والمسلمين، كما لدينا الاستعداد للإجابة عن كل ‏تساؤلاتكم المكتوبة، فنحن لا نشعر بالحرج تجاه أي سؤال يوجه لنا ‏على كل مستوى ديني أو ثقافي أو تاريخي، ونأمل أن يكون نفس القدر ‏من الاستعداد وعدم الحرج فيما يوجه إليكم من تساؤلات أو معلومات ‏حول قيمكم الدينية أو مواقفكم التاريخية والمعاصرة تجاه الإسلام ‏والمسلمين.‏

 

وصلى الله وسلم وبارك على نبيا محمد وآله وصحبه.‏

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/48078/#ixzz64UKlyYY1