بقلم / اد.نورة خالد السعد
بقلم / اد.نورة خالد السعد

منذ أكثر من عامين كشف أمين عام مجلس الكنائس العالمي لوسط وشرق إفريقيا سابقاً أشوك كولن يانق, الذي أسلم – ولله الحمد, أبعاد المخطط الذي تتبعه الآلاف من المنظمات الغربية الكنسية في تنصير المسلمين عبر وسائل وأساليب متعددة منها الغطاء الإنساني، وسلاح المعونات، وممارسة الضغوط على الحكومات العربية والإسلامية حتى تستجيب للمطالب الغربية. وأكد أشوك أنه شارك في مؤتمر سري عقد في ولاية تكساس الأمريكية لدراسة أوضاع كل دولة إسلامية على حدة، واتخاذ الإجراءات المناسبة من أجل تنصير أبنائها أو إبعادهم عن دينهم. وقال: لقد كلفت بمهمة تسلم مبلغ مليون و800 ألف دولار من الكنيسة الهولندية وتسليمه إلى نظيرتها في إحدى الدول العربية بهدف إنفاقه على الحركات العلمانية وضرب الحركات الإسلامية بها، والزج بأعضائها في السجون والمعتقلات حتى لو وصل الأمر إلى تصفية رموزها. وأوضح أن أموال المؤسسات الاستثمارية الغربية العاملة في العالم العربي والإسلامي تذهب لرعاية الأنشطة التنصيرية، لافتاً إلى أن جميع الدول الإسلامية تشهد موجات واسعة من التنصير غير المعلن. وأوضح الدور الذي تقوم به المنظمات الغربية الخيرية في إفريقيا خاصة والعالم العربي والإسلامي بصفة عامة، وأنها في حقيقتها منظمات كنسية تعمل تحت غطاء إنساني، لكن جوهر عملها تنصير المسلمين أو إبعادهم عن دينهم بأساليب مدروسة ومتنوعة. وأن عدد المنظمات التي يرعاها مجلس الكنائس العالمي من الصعب إحصاؤه لكن كما ذكر أنه بالآلاف، والسودان وحده يعمل فيه أكثر من 500 منظمة كنسية! وهذه المنظمات الكنسية, أو بالأحرى التنصيرية, لا تعمل عشوائياً، وإنما وفق دراسات وأبحاث دقيقة، فهي تدرس الدولة أو المنطقة المرشحة للتنصير من حيث خريطة أديانها وعددها، ومدى تمسك الناس بدينهم، ونوعية الأجناس، وتحديد احتياجات المنطقة من مال وغذاء وتعليم وخدمات صحية وغيرها. وأضاف أشوك: وأساليب التنصير كثيرة, وهي تختلف حسب دين الشخص المستهدف ومدى تمسكه به، ومدى احتياجه إلى المال والصحة والتعليم وغير ذلك، فاللادينيون تدفعهم الحاجة إلى اعتناق المسيحية دون عناء إذا ما توافرت لهم احتياجاتهم، أما المسلمون فالمنظمات الكنسية تعمل في اتجاهين: إما تنصيرهم، أو إبعادهم عن دينهم.. وأساليب تنصير المسلمين تقوم على الترغيب والتدرج والمرحلية. وقال: «إذا كان المسلم متديناً، كنا ندخل إليه من خلال بوابة الشهوات كالشهرة أو التعليم أو المنصب أو النساء، وبأن يقوم أحد المنصرين بمصادقته، والوقوف على احتياجاته، والعمل على حل جميع مشكلاته حتى يصبح أسيراً له ومعتمداً عليه بدرجة أساسية، ومن ثم يتحكم فيه، ويتحول تلقائياً إلى النصرانية، أو يبتعد عن دينه. وفضح أشوك جرائم حكومات التنصير بقوله: «إذا فشلنا في تحقيق مرادنا كنا نلجأ إلى أساليب أخرى كثيرة، منها الضغط على الحكومات التي لا تأخذ بتوجيهات الكنيسة عن طريق دول بعينها في الغرب، ونهدد بوقف الخدمات التي نقدمها لشعوبهم.. وتلك الخدمات التي أصبحت لا غنى لهم عنها، ولا يستطيعون العيش من دونها، أو الخيار الآخر وهو فرض العقوبات عليها، وإثارة فتن واضطرابات داخلية». وحول مصادر الأموال التي تنفقها المنظمات الكنسية قال «أشوك»: يوجد في الدول الغربية عرف سائد بموجبه يتم اقتطاع 5 في المائة من راتب كل موظف للتنصير، هذا فضلا عن أن معظم المؤسسات الاستثمارية الغربية العاملة في إفريقيا وآسيا هي مؤسسات كنسية بالدرجة الأولى, أي أن أموالها تذهب لمصلحة أنشطة الكنيسة، وبدورها تقوم الكنيسة برعاية أنشطة التنصير. وشدد أشوك: معظم البلاد العربية والإسلامية تشهد موجات عاتية من التنصير، ولكل دولة برامج خاصة بها، ويستطيع الغرب أن يبني أي عدد من الكنائس فيها، وله في ذلك أساليب مختلفة ومتنوعة. من الملاحظ أنك تقلدت عديدا من المناصب الكنسية الرفيعة.. كيف كنت تعيش في ظلها؟ وأوضح أشوك كولن يانق أن المنظمات الغربية كانت تغدق عليهم الأموال بلا حساب، وكانت توفر لهم – أي العاملين في التنصير – كل ما يحتاجون إليه من سيارات فارهة ومساكن فاخرة، ورحلات إلى كل دول العالم، وكانوا ينفقون ببذخ شديد ويعيشون في ثراء وترف! ولكنه رغم هذا الترف تحول إلي دين الإسلام لأنه لم يكن ليشعرني بالاستقرار النفسي، فكان دائماً يشعر بأن الأعمال التي يقوم بها غير متلائمة مع فطرته، الأمر الذي كان يشعره بالقلق. ومن خلال دراسته لمقارنة الأديان في مرحلة الماجستير خرج بنتائج عديدة عن الإسلام ورسالته العالمية فترك الكنيسة وما فيها وأسلم عام 2002. ومن يقرأ تاريخ الدول العربية التي كانت تحت حكم الاحتلال البريطاني أو الفرنسي سيجد أن (التنصير), (الإفقار), (التجهيل ), و( محاربة اللغة العربية) هي المعاول التي تستخدم لتغيير هوية وعقيدة الشعوب العربية المسلمة لتبقي أسيرة هذا الاستعمار . ورغم تحريرها إلا أن الوضع المأساوي الخاص بالتنصير لم يتغير ولكن ينتابه تقلص وتقدم وفق الظروف المواتية إما للاستمرار وإما التوقف !!وما حذر منه أشوك كولن نجده متوافرا في عديد من مجتمعاتنا تحت شعارات مختلفة, ومنها ما حذر منه منذ أيام قليلة الشيخ عبد المجيد الزنداني أن اليمن يتعرض حاليا – أكثر من أي وقت مضى – لغزو تنصيري تقوم به الجمعيات الأجنبية ذات الأهداف المشبوهة والمنتشرة في عدد من المحافظات بحجة تقديم الخدمات الطبية والإنسانية. كما أوضح أستاذ أصول الفقه والحديث والثقافة الإسلامية في كلية الشريعة في جامعة صنعاء الدكتور المهدي محمد الحرازي: «أن معاهد اللغات والتدريب الغربية التي انتشرت أخيرا على نطاق واسع في المدن اليمنية الرئيسة تحاول جاهدة نشر أفكارها, واستطاعت بالفعل تنصير بعض اليمنيين الذين كتبت عنهم عديد من الصحف القومية والأهلية. إضافة إلى وجود بعض المدارس الثانوية التي تقوم باستضافة عدد من الطلاب اليمنيين في أمريكا وأوروبا الغربية وتسكينهم مع أسر تتولى إقناعهم باعتناق الديانة المسيحية». ويرى الحرازي: أن الجمعيات التنصيرية تحاول إفساد الشباب وزعزعة ثقتهم بعقيدتهم من خلال إغراءات مختلفة منها الرحلات والحفلات وعرض الأفلام وبعثات تعلم اللغة الإنجليزية في الخارج. وتوجد حاليا في بعض المدن اليمنية عديد من الجمعيات التنصيرية ودور العبادة النصرانية وفي مقدمتها الكنيسة الأنجليكانية الكاثوليكية (كنيسة المسيح) في منطقة التواهي في عدن, التي تقدم خدمات طبية من خلال المركز الطبي الكنسي الملحق بها الذي افتتح في عام 1995. وهناك جمعية «من طفل إلى طفل» في مدينة تعز ولها نشاط في صفوف الأطفال المصابين بالعمى والخرس، ومنظمة «أدرا» في منطقة حيس شمال عدن التي تقوم بإرسال كثير من الشباب إلى سنغافورة والفلبين وبانكوك لتعلم اللغة الإنجليزية, كذلك هناك جمعية «رسالات المحبة» التي تنشط بين المصابين بالجذام, ويمتد نشاطها الواضح إلى صنعاء وتعز والحديدة، ومنظمة أوكسفام البريطانية التي تدعم المشاريع المتعلقة بالتنمية والتعليم والصحة، ومنظمة «رادا بارنر» التي تدعم مشاريع الطفولة، ومنظمة «ماري ستوبس» التي تدعم مشاريع تنظيم النسل والأمومة، والمركز السويدي لتعليم اللغة الإنجليزية في تعز. إن هذه المنظمات التي تنتشر في اليمن وعديد من دولنا العربية تعمل تحت شعار خدمة النساء أو الأطفال أو المرضى أو تدريب الشباب, وهي في الواقع تمارس الدور التنصيري الذي يخطط لها من قبل مجلس الكنائس العالمي. إذا ربطنا هذا التخطيط والتنفيذ الذي ذكره أشوك كولن فانق بما نشر أخيرا عن مصادر صحافية ألمانية أن دوافع عملية خطف السياح الأجانب التسعة، وقتل ثلاثة منهم في شمال غربي اليمن، خلال الأيام الماضية, كانت بسبب تورطهم في أعمال تنصير. وذكرت مجلة «دير شبيجل» أن أسباب عملية الخطف تبدو انتقامية، حيث وقعت مشاحنات قبل أشهر، بين مجموعة من المسلمين والمهندس الألماني يوهانس إتش الذي كان يقوم بعمليات التنصير وطالبته المجموعة بوقف محاولات التنصير التي يقوم بها، وهددته برفع الأمر إلى القيادات الدينية. وهو الأمر الذي لم يهتم به المهندس وزوجته وأطفاله الثلاثة. ولفتت المجلة إلى عثور جهات التحقيق على نشرات تنصيرية لدى الألمانيتين اللتين عثر على جثتيهما بعد قتلهما بالرصاص على أيدي المجموعة الخاطفة. وألمحت المجلة إلى أن فريق متابعة الأزمات في الخارجية الألمانية يعلم بالنشاط التنصيري للمهندس وزوجته، حيث سبق أن عملا لمنظمة في ألمانيا تدعى «العمل العالمي من أجل المسيح»، فضلا عن عضويتهما في جماعة تنصيرية إنجيلية. وإذا عدنا إلى ملف التنصير في اليمن – وليست اليمن هي الدولة الوحيدة التي تتعرض لهذا الهجوم التنصيري – نجد أن الباحث في هذا الملف الدكتور محمد النعماني يوضح أن الدعوة إلى النصرانية أمر مألوف في اليمن عموما وفي صنعاء القديمة خصوصا, حيث يفضل كثير من الأجانب السكن في مبانيها التراثية العتيقة ثم يوزعون «الإنجيل» والمنشورات الدينية المحفزة على اعتناق النصرانية وترك الإسلام، موضحًا أن هذا الأمر «يلقى استجابة من بعض الشباب اليمني المحتاج». وقد ساعد انتشار الفقر والأمية والمرض هذه الجمعيات على تحقيق أهدافها الرامية إلى كسب أشخاص جدد يعتنقون المسيحية، حيث اعترف أحد الأشخاص – رفض الكشف عن هويته – بأنه تعرض أثناء دراسته الجامعية لمحاولة تنصيره عن طريق إغرائه بالأموال والدراسة في الخارج. وقال: إن تلك المحاولات لم تكن بواسطة منصّرين أجانب وإنما من «يمنيين شباب وشابات اعتنقوا المسيحية وبدأوا ينشرونها بين الناس)! وأكد أن صعوبة وضعه المادي في تلك الأيام وحاجته الشديدة إلى التأهيل العملي والمهني دعته إلى التفكير قليلاً في هذا العرض «المغري» إلا أنه في اللحظة الأخيرة رفض عرضهم وقطع صلته كليا بهم.