علمنا الهدى القرآني والمدرسة النبوية – قبل أن يكون ثم مدارس وطب حديث – مضار الإسراف في الطعام، وفضل الاعتدال في المأكل والمشرب، وتنظيم أوقات الوجبات، وذلك كله أساس الصحة والنشاط؛ وعماد كل علاج، بل إن القدر الرئيسي مم يستهلكه عالم اليوم من دواء إنما يتعلق بأمراض مصدرها الجهاز الهضمي أو شاركت في استفحالها أسباب غذائية، بينما علمنا الإسلام منذ قرون، قال تعالى:

 )يَابَنِي ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ( [الأعراف: 31](1).

وقال صلى الله عليه وسلم:

*(المؤمن يأكل في مِعًيٍ واحِدٍ والكافِرُ يَأْكُلُ في سَبْعَةِ أَمْعاء) (البخاري ومسلم).

*(ما مَلأَ آدَمِيٌّ وِعاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كانَ لا مَحالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعامِهِ وثُلُثٌ لِشَرابِهِ وثُلُثٌ لِنَفَسِهِ) (الترمذي).

*(إِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شِبَعًا في الدُنْيا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ القِيامَة) (ابن ماجة).

*(أَصْلُ كُلِّ داءٍ البَرَدَة (أي التخمة) (السيوطي في الجامع الصغير).

       كما علمنا الرسول الكريم أيضا الأسلوب الصحي لتناول الطعام، كيف نجلس:

*(لا آكُلُ مُتَّكِئًا) (البخاري).

*(مارُئِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ مُتَّكِئًا قَطُّ) (أبو داود وأحمد).

       وكيف نتأني في ابتلاع الطعام، وذلك لإعطاء هواء المعدة فرصة الخروج؛ فيجنب المرء ما قد يصيبه من انتفاخ في المعدة والقولون؛ أو صعوبة في الهضم وفي التنفس:

 *(لا تَشْرَبُوا واحِدًا كَشُرْبِ البَعِيرِ ولَكِنِ اشْرَبُوا مَثْنَى وثُلاثَ، وسَمُّوا إذا أَنْتُمْ شَرِبْتُمْ، واحْمِدُوا اللهَ إذا أَنْتُمْ رَفَعْتُمْ) (الترمذي).

  __________________

(1) هذه الآية الكريمة أصل من أصول الدواء، إذ أمرت بالأكل والشرب وهما قوام الحياة وحرمت الإسراف فيهما وهو سبب كافة الأمراض (أيسر التفاسير).