حرم الله الزنا وسد الذرائع المؤدية إليه؛ بالدعوة إلى الاحتشام ومنع الفتنة التي يسببها التزين المفرط أو التعطر المثير، وذلك لحكمة لم يدركها العلم حتى ظهور المجهر واكتشاف ميكروبات الأمراض التناسلية؛ التي لا تنتقل وتنتشر إلا بالعلاقات الجنسية المحرمة أو الشاذة؛ كأمراض الزهري والسيلان؛ بمضاعفاتها الخطيرة التي تؤدي بأجهزة الجسم وتفتك بالحياة، ثم مرض الإيدز: مرض نقص المناعة الذاتية وطاعون العصر – عصر الجاهلية الجديدة:

)وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاَا( [الإسراء: 32].

)الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ([[النور: 2].

)وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ءَاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا( [الفرقان: 68].

ولأن الإسلام رسالة الخالق العليم الذي يعلم طبيعة خلقه؛ فلم يكتف بالموعظة وبالنهي عن الزنا وسن الحدود والعقوبات، بل سد كل السبل المؤدية إليه في المجتمع، وذلك ما يفهم أيضا من عبارة “لا تقربوا” أي ابتعدوا عنه وعن كل مقدماته، فأوجب الاحتشام في الزي:

)وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَائِهِنَّ أَوْ ءَابَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ( [النور: 31].

)يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا( [الأحزاب: 59].

     وأكد ذلك أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها:

*(ياأَسْماءُ إنَّ المَرْأةَ إذا بَلَغَتِ المَحيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْها إلاَّ هذا وهذا، وأشارَ إلى وَجْهِهِ وكَفَّيْهِ) (أبو داود).

*(صنْفانِ مِنْ أَهْل النَّارِ لَمْ أَرَهَما: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِياطٌ كَأذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبونَ بِها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ، مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ ولا يَجِدْنَ ريحَها، وإنَّ ريحَها لَيُوجَدُ مِنْ مَسيرَةِ كذا وكذا) (مسلم).

*(لا تُقْبَلُ صلاةٌ لامْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ لهذا المَسْجِدِ حَتَّى تَرْجِعَ فتَغْتَسِلَ غُسْلَها مِنَ الجنابَة) (أبو داود).

*(أَيُّما امْرَأَةٍ أصابَتْ بَخورًا فلا تَشْهَدْ مَعَنا العِشاءَ الآخِرَةَ) (مسلم).

وأمر تعالى بغض البصر:

 )قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ….([النور: 30، 31[.

       ولم يكتف ببيان النواهي والمحظورات، بل حض على الزواج الحلال ويسر سبله:

)وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ([النور: 32](1).

)وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ( [الروم: 21].

)هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ ءَاتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ( [الأعراف: 189].

)وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ([النحل: 72].

)وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ( [النساء: 25].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشجيع على الزواج:

*(ثَلاثَةٌ حَقٌّ على اللهِ عَوْنُهُمْ: المُجاهِدُ في سَبيلِ اللهِ، والمُكاتَبُ الذي يُريدُ الأداءَ، والنّاكِحُ الذي يُريدُ العَفافَ) (الترمذي والنسائي).

*(تَزَوَّجوا الوَدودُ الوَلودَ، فإنّي مُكاثرٌ بِكُم الأُمَمَ) (أبو داود والنسائي).

*(يا مَعْشَرَ الْشَّبابِ مَن اسْتَطاعَ الباءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، ومَنْ لَمْ يَسْتَطَعْ فَعَلَيْهِ بالصَّوْمِ فإنَّهُ لَهُ وِجَاء) (الجماعة).

*(الدُّنْيا مَتاعٌ وخَيْرُ مَتاعِ الدُّنْيا المَرْأَةُ الصَّالِحَة) (مسلم).

*(. . . أمَا واللهِ إنّي لأَخْشَاكُمْ لِلّهِ وأَتْقاكُمْ لَه، لكِنِّي أَصومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّساءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتي فَلَيْسَ مِنِّي) (البخاري).

*(ما اسْتَفادَ المُؤْمِنُ – بَعْدَ تَقْوَى اللهِ  – خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صالِحَة) (ابن ماجة).

وأباح الطلاق – عند تعذر استمرار العشرة، وكذلك تعدد الزوجات – للضرورة القصوى؛ وبشرط العدل التام؛ بدلا من الزنا المستتر الذي يتفشى في الأمم التي تقيد الطلاق ولا تسمح بالتعدد.

_________________________________

(1) أمر جماعة المسلمين أن يزوجوا الأيامى (من لا زوج له) من رجالهم ونسائهم بالمساعدة على ذلك والإعانة عليه، حتى لا يبقى في البلد أو القرية عزب إلا نادرا، ولا فرق بين البكر والثيب في ذلك (أيسر التفاسير).