إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أحبتي في الله:
إن المَثَل يقول: فلان يدفن رأسه في الرمال كالنعامة، حيث يقولون: إن النعامة حين ترى صائدًا تختبئ منه بدفن رأسها في الرمال، وتتغافل عن جسمها الضخم، وتتناسى قامتها، لتحكم بعد دفن رأسها أن أحدًا لا يراها، بينما الحقيقة هي أنها لا ترى أحدًا، لكن الصيادين يرونها، ويقضون عليها وهي غافلة، واليوم أرى أن أقلِّد النعامة لأختبئ بناظري فقط وراء الرمال وأحجبهما عن العالم، لأحجب عنها الحقيقةَ كالنعامة، فليس ثمة شيء غير عادي، ولا ظُلْم على وجه هذه الأرض، ولا مساكين تدوسُهم أقدام الطغاة، ولا يوجد في جزء من هذا العالم الإسلامي أطفالٌ يُيتَّمون، ولا نساء ترمل، ولا أمهات تثكل، وليست هناك ضحايا أبرياء، كما أنه ليس هناك بلد إسلامي يحترق أو يُقصَف، ولا مسلمون يهانون ويقتلون، ويعتقلون بعد أن يتَّهموا ويُفترَى عليهم، كما أنه ليس على وجه هذه الأرض ظَلَمة، ولا طغاة، ولا طائرات تُغِير على مدنيِّين، ولا صواريخ توجَّه إلى مساجد أو معابد، ولا إرهاب منظَّم من قِبل الدول ضد الشعوب، كل هذه أشياء غير موجودة، وبالتالي لا تستحق الوقوف عندها، وبالتالي فليس هناك حدث يشغل بال الناس، أو يكدر صفوهم، أو يقلقهم في فراشهم، ولهذا نضطر للهروب إلى التاريخ، حيث ينشغل الناس في مثل هذه الأيام من شهر رجب بليلة الإسراء والمعراج، هذه الليلة المباركة التي تذكِّرنا بالرحلة الميمونة، فتعيد إلى أذهان المؤمنين صورةَ المجد النبوي، الذي بلغ فيه سيد الخلق أقصى ما يمكن أن يتصوَّره العقل في هذه الحياة، من التكريم الإلهي العظيم، والحفاوة القدسية الرائعة.
ودعوني في البداية أقرر حقيقة، وهي أن المسلمين اعتادوا أن يحتفلوا بذكرى الإسراء والمعراج في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب، واعتقد الكثيرون أن الإسراء كان في هذه الليلة، وهذه ليست حقيقةً مؤكَّدة، والتحقيق في هذا أنَّ العلماء قد اختلفوا اختلافًا كبيرًا في يوم الإسراء؛ بل في شهر الإسراء؛ بل في سنة الإسراء! فقد قال السدي: كان الإسراء في شهر ذي القعدة، وقال ابن عبدالبر: كان الإسراء في شهر ربيع الأول، وقال النووي: كان الإسراء في شهر رجب، وقال الواقدي: كان الإسراء في شهر شوال.
وقيل: كان الإسراء قبل الهجرة بستة أشهر، وقيل: كان الإسراء قبل الهجرة بتسعة أشهر، وقيل: كان الإسراء قبل الهجرة بسنة، وقيل: كان الإسراء قبل الهجرة بسنة وستة أشهر، وقيل: كان الإسراء قبل الهجرة بثلاث سنين، حكاه ابن الأثير.
ومن ثَمَّ فإنَّ اليوم والشهر والعام لا يعلمه إلا اللهُ، والتحديد للإسراء بيوم وشهر ضربٌ من المجازفة والتخمين، لا دليل عليه من الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى.
والتحقيق أن الإسراء كان بعد البعثة وقبل الهجرة، من مكة إلى المسجد الأقصى، ثم من المسجد الأقصى إلى السموات العلا، كما جاءت به الأخبار الصحيحة عن الصادق المصدوق.
نعود إلى الحدث، إنه الإسراء والمعراج، ويقصد بالإسراء الرحلة العجيبة التي بدأت من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بالقدس، والتي أشار الله تعالى إليها بقوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1]، ويقصد بالمعراج ما تلا هذه الرحلةَ من عروجٍ في طباق السموات، حتى الوصول إلى مستوى تنقطع عنده علومُ الخلائق، ولا يعرف كنهَه إلا اللهُ، وقد أشار الله إلى ذلك بقوله: {وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 13 – 18].
أيها الإخوة: عندما يتعلق الحديث بالإسراء والمعراج تكثر الأسئلة، فيسأل الكثيرون إذا كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد أُسرِيَ به وعُرِجَ به إلى السماء، فأين هذه السموات التي زارها، وتحدث عنها؟ وكيف زارها؟ فنحن نعلم أن الإنسان في هذا القرن قد صعد إلى ارتفاعات شاهقة، ومع ذلك بقي ضمن إطار معيَّن محدود في السرعة والزمان والمكان، فهو ما جاوز بعدُ دائرةَ الأرض وما حولها، وحتى الآن يبدو من الزاوية العلمية أن مجاوزتَه دائرةَ وجودِ المجموعة الشمسية مستحيلةٌ، فأقرب نجمٍ إلى مجموعتنا الشمسية يبعد حوالي أربع سنين ضوئية؛ أي لو سار الإنسان بسرعة الضوء – وهي تقارب 300.000 / كم في الثانية – فإنه سيصل إلى هذا النجم بعد أربع سنوات، وهذا مستحيل في حسابات اليوم، فما بالك بمجاوزة ملايين المجموعات والمجرات، علمًا أنَّ كلَّ هذه النجوم والمجموعات والمجرات القريبة والبعيدة – هي في السماء الدنيا، أو أسفل السماء الدنيا دون ما فوقها، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ} [الملك: 5]، فكيف عرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى السماء السابعة، ورجع في مدة زمنية قصيرة جدًّا لم تتجاوزْ سويعات قليلة؟! إنه أمر غير معقول في دائرة الضوابط المادية.

وعلى فرض معقوليته فكيف حصل ذلك؟ وهل ركب آلة تسير بسرعات عالية؟ وإذا كان البُراق هو هذه الآلة والوسيلة فكيف استطاع الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن يتحمل هذه السرعات العالية والضغط الجوي، فالجسم البشري يتعذر عليه الانتقالُ في الآفاق بسرعات بسيطة دون إعداد خاص، وتحصين تام لأجهزته ومسامه؟ ثم كيف لم يحصل له حالةُ اختناق بسبب نقصان الأوكسجين في طبقات الجو العليا؟ وكيف لم يحترق هو أو بُراقه وهما يخترقان بهذه السرعة الغلافَ الجوي للأرض؟! وينساق الإنسان وراء هذه التساؤلات، ليقول: هل الإسراء حصل يقظة أم منامًا؟ وإذا كان يقظة فهل هو بالروح فقط أم بالروح والجسد؟ وهكذا إلى آخر أسئلة لا تنتهي، وللحقيقة أقول: إنَّ النَّاس قدِ اختلفوا وتجادلوا كثيرًا في أمر الإسراء والمعراج، فمِن الناس مَن صدَّق بهما جميعًا، ومن الناس مَن كذَّب بهما جميعًا، ومنهم مَن صدق بالإسراء وكذب بالمعراج، ومنهم مَن قال: إنهما كانا بالروح فقط، وآخرون قالوا: إنهما كانا بالروح والجسد معًا، ومنهم من قال: إنهما حقيقتان ماديتان وقعتا في يقظة، وآخرون قالوا: إنهما حصلا في رؤيا ومنام، وهكذا لم يزل الناس يختلفون منذ أن حدث هذا الحادث العظيم، ولا يزال كل فريق يحاول البرهنة على رأيه، وصدق رب العزة حين قال: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60]، نعم إنها فتنة وامتحان وصدق الله، وإلاَّ فالنصوص الواضحة والصريحة تدل على أنهما حصلا يقظة وبالروح والجسد، والمشرِكون أنفسهم لم يفهموا من سرد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – للحدث أنه رؤيا منام، وإلا لما كذبوه، فحصول مثل هذا في الرؤيا حاصلٌ لأي شخص، ولم يفهموا أيضًا أنه أحلام يقظة، أو عروج روح، أو استشراق نفس، وإلا لما سألوه عن علامات في الأقصى والقدس والطريق.

وإذا كان الحدث بهذا الشكل من الوضوح، وإذا كانت النصوص بهذا الشكل من البيان، فلماذا هذه التساؤلات؟ ولماذا هذا الخلاف؟!

لعلَّ السبب أيها الإخوة: أن الناس يأبَوْن إلا أن يحكِّموا فيه العقل، ولا يرضَوْن بغيره حَكَمًا، فهل يصلح العقل أن يكون حكمًا في مثل هذا الأمر؟ وللإجابة على ذلك ينبغي لنا أن نعرف ابتداءً ما هو العقل، وما وظيفته، وما مقدرته، وما حدوده، ومن أين يستمد العقل علومه ومعارفه.

العقل وإن كان في حقيقته يعني ردعًا ومنعًا وربطًا كما يعرفه اللغويون، إلا أن العرف العام جرى أنه يطلق في غالب الأحوال على الإدراك والفهم وقوة التمييز لدى الإنسان، فهو الذي به يستطيع الإنسان أن يدرك ويفهم ويميز، ويقدِّر ويقيس ويوازن، ويستنبط النتائج من مقدماتها، ويكوِّن الكليات من جزئياتها، ويُصدِر الأحكام على كل ما يحس به وَفق ما يحس به، فالعقل في كل ما يصدر عنه من أحكام متأثرٌ بما تَمدُّه به الحواس، والحواس إنما تستمد معلوماتها من عالم الحس الذي يحيط بها، ولا تستطيع بحال من الأحوال أن تتجاوز هذا العالمَ إلى ما وراءه لتسمد منه شيئًا، فالأُذُن لا تستطيع أن تسمع إلا ما يصك مسمعَها من الأصوات، والعين لا تستطيع أن ترى إلا ما يقابلها من المناظر، والأنف لا يستطيع أن يشم إلا ما يمر به من الروائح، واللسان لا يستطيع أن يتذوق إلا ما يلامس حليماته من طعوم، واليد لا تستطيع أن تمسك إلا ما يقع في قبضتها من الأجسام، وهكذا كل حاسة من الحواس لا تستطيع أن تدرك إلا ما يقع في دائرة حسها من الأشياء، ثم هي ترسل هذه المدركات إلى العقل؛ ليفسره بأنه صوت، أو منظر، أو رائحة، أو جسم، ويحكم عليه بأنه لطيف أو كثيف، جميل أو دميم، طيِّب أو خبيث، صغير أو كبير، وهكذا إلى آخر الصفات.

بعد هذه المقدمة نستطيع أن نَخرج بمقدمةٍ مفادُها: أن العقل لا يمكن أن يفهم إلا ما تمده به الحواسُّ؛ لأنَّ الحواس هي روافده التي تمده بالمعلومات، وما دامت هذه الروافد عاجزةً عن استمداد مدركاتها من عالم آخر غير عالم الحس، فلا يمكن أن تمد العقل بعلم من غير عالمها، فهل الكون هو عالم الحس وحده فقط؟ هل الكون كله هو هذه المحسوسات التي نراها بأعيننا، ونسمعها بآذاننا، ونذوقها بألسنتنا، ونشمها بأنوفنا، ونلمسها بأيدينا؟ وبعبارة أخرى هل نرى بأعيننا كلَّ شيء في هذا الكون، ونسمع بآذاننا كل صوت، ونشم بأنوفنا كل رائحة، ونلمس بأيدينا كل جسم؟! لا شك أن هناك أشياء كثيرة لا تدركها حواسُّنا؛ لأنها إما بعيدة عن منالها، وإما خارجة عن دائرة إدراكها، وهي في كلا الحالتين تعتبر غيبًا لا تستطيع حواسنا أن تصل إليه، ومن هنا يخطئ مَن يقول: يجب أن نعقل كل شيء، وما لا نعقله فهو وهمٌ لا حقيقة لوجوده؛ لأن العقل في هذا المجال لا يستطيع أن يحكم؛ إذ الحواس التي يستمد منها معلوماته، والتي يعتمد عليها في إدراكه لذلك الغيب لم تَصِل بعدُ إلى ذلك الغيب، أو هي بطبيعتها لا تستطيع الوصول إليه أصلاً، فالعلم بهذا الغيب سيظل مفقودًا حتى تصل الحواس إلى إدراكه، فإذا أدركتْه استطاع العقل أن يفهمه، ويحكم عليه.

أمَّا إذا عجزت الحواسّ عن إدراكه، فإنَّ العقل كذلك سيظل عاجزًا عن فهمه، وجاهلاً به، فإذا تصدَّى للحكم أو كلَّفناه أن يحكم، كان حكمه خطأ؛ لأن حكمه قائم على غير علم، ولنضرب على ذلك مثالاً من الواقع، فلو أن قائلاً قال للناس قبل أكثر من مائة عام: إن هناك في الكون سرًّا عجيبًا له نتائج متناقضة، حيث يكون في بعض الأجسام نور، وفي بعضها نار، وفي بعضها قوة وحركة، وفي بعضها حرارة، وفي بعضها برودة، وفي بعضها صوت، وفي بعضها صورة، وأحيانًا يكون دواء ناجح، وأحيانًا يكون موت صاعق، لو قال قائل هكذا قبل قرن من الزمان، هل يا ترى كانوا يصدِّقونه؟ وهل كانت عقولهم تؤمِن بهذا السر؟ بالتأكيد لا، ولكن حين كشف العلم سرَّ الكهرباء، ولمس الناس آثارها، وأدركتها حواسهم على ضوء التجرِبة والواقع – صدَّقوا وآمنت عقولهم بوجود هذا السر، فهل كانت الكهرباء معدومةً قبل أن يدركها الناس أم كانت موجودة منذ أن خلق الله هذا الكون، ولكن العقل لم يكن يعرفها؛ لأن الحواس لم تكن تدرك آثارَها، فلما أدركتها الحواس عرفها العقل؟ إذًا هناك أسرار في الكون – حتى في عالم الماديات – لا تزال خافية على العقل، ولا يستطيع العقل أن يحكم عليها، وإنَّ فيما يكشفه العلم لنا كلَّ يوم من أسرار لدليلاً على أنَّ هناك أسرارًا لم تُكشف بعدُ، وقد يكون ما نجهله أكثر مما نعرفه، عرَفتَ شيئًا وغابتْ عنك أشياء، وكلما ازددتُ علمًا زادني علمًا بجهلي، وصدق الله {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85].

وما دام الأمر كذلك فكل ما لا تدركه الحواس لا يمكن أن يحكم فيه العقل، والحواس بطبيعتها مادية، لا تدرك إلا ما تحسه من عالم المادة، أما ما وراء عالم المادة – وهو عالم الغيب – فإنها لا يمكن أن تدرك منه شيئًا، فعِلم العقل بما وراء المادة عن طريق الحواس أمرٌ غير ممكن، وحكمه عليه لا يمكن أن يكون صادقًا أبدًا، ومن أجل هذا كان العقل غيرَ صالح لأنْ يحكم في مسألة الإسراء والمعراج؛ لأنها من عالم الغيب الذي لا تدركه الحواس.
فمِن أي طريق إذًا يأتي للعقل علم ما وراء المادة؟ لا يمكن أن يكون ذلك إلا عن طريق السمع، من طريق السمع وحده لا من طريق غيره، وذلك بأن يُتلقَّى الخبر عنه من صادقٍ أمين، له قدرة على الاتصال بما وراء المادة؛ أي بعالم الغيب، وهذا لا يتأتى إلا للأنبياء والمرسلين، وهم صادقون فيما يقولون، أمناء فيما ينقلون ويبلِّغون من هذه الأخبار؛ لأنهم يتلقَّوْنها عن طريق الوحي الإلهي عن الله وهو أصدق القائلين، الذي وحده يحيط بعالم الغيب، فبالنسبة لمَن يؤمِن بصدق الرسل فليس لديه مجال للشك في صدق الحقيقة التي يخبر بها الرسلُ عن عالم الغيب، وليس للعقل حينئذٍ أن يقول في هذا المجال شيئًا؛ لأنَّه خارج عن نطاق إدراكه، وبالتالي فليس للعقل إلا التصديقُ بما ورد عن الأنبياء من عالم الغيب، الذي قلنا إن العقل يسجد عاجزًا في محرابه، ومستسلمًا لفيوضاته، ولعل أبا بكر كان يُعبِّر عن هذا الموقف، حين أتاه المشركون قائلين: يا أبا بكر، هل لك إلى صاحبك بخبر يزعم أنه أُسريَ به الليلة إلى بيت المقدس، وجاء قبل أن يصبح؟ قال أبو بكر معلِّمًا إياهم الطريقَ الصحيح في التَّعامل مع هذه القضايا: أَوَقال ذلك؟ قالوا: نعم. قال: لئن كان قال ذلك؛ فقد صدق، إني لأصدِّقُه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه في خبر السماء!
أيها الإخوة: إذا علِمْنا عجز العقل عن الخوض في هذه الأمور، وكان لابدَّ لنا من معرفة شيء عن الإسراء والمعراج، وكيف تمَّ، فليس لنا إلا أن نَستمِع إلى القرآن الكريم، ونخشع ونحن نستمع إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو يذكر لنا قصته هذه، وينقل لنا الحدث كما تم، وذلك موضوع اللّقاءات القادمة بإذن الله.

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/culture/0/3103/#ixzz6FRtXmoxv