(المحصول الجامع لشروح ثلاثة الأصول)

 

 

 

قال المصنف رحمه الله: (وَأَنْوَاعُ الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ الله بِهَا؛ مِثْلُ: الإِسْلامِ، وَالإِيمَانِ، وَالإِحْسَانِ).

 

 

الشرح الإجمالي:

 

لَمَّا بيَّن المصنف وجوب إفراد الله تعالى بالعبادة، وذكر الأدلة على ذلك، شرع في بيان شيء من أنواع العبادة، فقال:

 

(وأنواع)؛ أي: أصناف (العبادة التي أمر الله بها) عِبادَهَ، وتعبَّدَهُم بها، كثيرةٌ جدًّا؛ (مثل: الإسلام، والإيمان، والإحسان)، وهذه الثلاثة مراتب تشمل الدين كله، وهي أصول العبادات، لذلك بدأ المصنف بها [1].

 

 

الشرح التفصيلي:

 

بيَّن المصنف في الأصل الأول، وهو: معرفة العبد ربه: أن الله جل وعلا هو الرب، وبيَّن دليله، ثم بيَّن الدليل المرشد إلى معرفة الرب عز وجل، وذكر الآيات الدالة على ربوبية الله عز وجل، ثم انتقل ليبيِّن وجوب إفراده سبحانه وتعالى بالعبادة، وأن الرب هو المستحق للعبادة وحده دون سواه.

 

 

ولَمَّا قرَّر المصنف رحمه الله تعالى وجوب عبادة الله علينا، واستحقاقه لها بما له من الربوبية: شرَعَ هنا يبين حقيقة العبادة بالإرشاد إلى أنواعها، وكان من المتوقع أن يذكر المصنف أنواع العبادة تحت الأصل الثاني: (معرفة دين الإسلام)؛ لأنها جزء منه، ولكنه قدمها هنا لما تهيأت النفوس لعبادة الله والتقرب إليه، وهذه طريقة تربوية؛ لأن النفوس إذا تهيأت لقبول أمرٍ فلا ينبغي تأخيره[2]؛ فكان من المناسب بعد ذكر استحقاق الرب للعبادة أن تُذكر أنواع العبادة التي تفعل لهذا الرب المعبود، ويُعبد الله جل وعلا بها؛ لأن من عرف أفرادًا من العبادة عرف حقيقتها، ولهذا شرع المصنف في بيان أنواع العبادة المأمور بها إجمالًا وتفصيلًا، فإجمالها في الإسلام والإيمان والإحسان، وتفصيلها في الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة… إلى آخر ما ذكر.

 

 

فقال رحمه الله تعالى: (وأنواع العبادة التي أمر الله بها؛ مثل: الإسلام، والإيمان، والإحسان)، فبدأ في ذكر العبادات بذكر أصولها، فأصول العبادات: الإسلام والإيمان والإحسان، وهذه الثلاثة: أعلى مراتب الدين، وأهم أنواع العبادة، وكل العبادات ترجع إلى هذه الأنواع الثلاثة، فلذلك بدأ بها المصنف[3].

 

 

♦ فالإسلام: ترجع إليه عبادات الجوارح الظاهرة؛ فكل ما أَمر الله به من أعمال الإسلام عبادة: من صلاة وصوم وغير ذلك.

♦ والإيمان: يرجع إليه عبادات القلب بأعماله الباطنة؛ كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره، وكذلك الخوف، والمحبة، والرجاء، وما يتعلق بالقلوب كله داخل في العبادة.

والإحسان: هو منتهى العبادة القلبية، وأعلى أنواع العبادة وأعظمها، فهذه المراتب الثلاث هي مراتب الدين، وهي أصوله، وسيأتي شرحها في كلام المصنف رحمه الله تعالى في الأصل الثاني[4].

 

 


[1] ينظر: حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن قاسم (34)؛ وحصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول، عبدالله الفوزان (65)؛ وتيسير الوصول شرح ثلاثة الأصول، د. عبدالمحسن القاسم (66)؛ وشرح ثلاثة الأصول، محمد بن صالح العثيمين (53)؛ وشرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (65).
[2] تنبيه العقول إلى كنوز ثلاثة الأصول، د. عبدالرحمن الشمسان (1 /336).
[3] ينظر: حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن قاسم (34).
[4] ينظر: شرح ثلاثة الأصول، عبدالعزيز ابن باز (44)، وشرح الأصول الثلاثة، د. خالد بن عبدالله المصلح (28).