نبي الله اليسع عليه السلام نبي من أنبياء بني إسرائيل. لم ترد عنه تفاصيل كثيرة في القرآن الكريم، إلا أنه يكرمه ويثني عليه في المواضع القليلة التي ورد اسمه بها، والتي يمكن حصرها في موضعين فقط تحديدا.

أما في الكتاب المقدس، فلا يعرف تحديدا ما هو اسم النبي اليسع عليه السلام وما إذا كان مذكورا فيه أصلا أم لا. ولكن يقول البعض أن النبي اليسع في القرآن الكريم هو النبي أليشع في الكتاب المقدس. لذا، لنجر مقارنة موجزة بين النبي اليسع والنبي أليشع من واقع الكتاب المقدس والقرآن الكريم.

النبي اليسع أو أليشع في المسيحية

النبي أليشع في الكتاب المقدس هو نبي من بني إسرائيل يبدو أن الله قد أجرى على يده من المعجزات مثلما أجرى على يد السيد المسيح بل وربما أكثر. فقد أحيى الموتى وأبرأ الأكمه (الأعمى) والأبرص وكل ذلك على سبيل المثال فقط لا الحصر.

فكما يخبرنا الكتاب المقدس أن هناك من سجد للسيد المسيح (متى 17:28)، يخبرنا أيضا أن هناك من سجد للنبي أليشع. فعلى سبيل المثال، نقرأ: وَلَمَّا رَآهُ بَنُو الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ فِي أَرِيحَا قُبَالَتَهُ قَالُوا: «قَدِ اسْتَقَرَّتْ رُوحُ إِيلِيَّا عَلَى أليشع». فَجَاءُوا لِلِقَائِهِ وَسَجَدُوا لَهُ إِلَى الأَرْضِ. (ملوك الثاني 15:2)

وكما يخبرنا الكتاب المقدس أن السيد المسيح قد أبرأ الأبرص (متى 1:8-4)، يخبرنا أيضا أن النبي أليشع قد أبرأ الأبرص. فعلى سبيل المثال، نقرأ: “فَنَزَلَ وَغَطَسَ فِي الأُرْدُنِّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، حَسَبَ قَوْلِ رَجُلِ اللهِ، فَرَجَعَ لَحْمُهُ كَلَحْمِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ وَطَهُرَ”. (ملوك الثاني 14:5)

بل يخبرنا الكتاب المقدس أنه كما عالج النبي أليشع من البرص، فقد أصاب به أيضا. فنحن نقرأ: وَأَمَّا هُوَ فَدَخَلَ وَوَقَفَ أَمَامَ سَيِّدِهِ. فَقَالَ لَهُ أليشع: «مِنْ أَيْنَ يَا جِيحْزِي؟» فَقَالَ: «لَمْ يَذْهَبْ عَبْدُكَ إِلَى هُنَا أَوْ هُنَاكَ». فَقَالَ لَهُ: «أَلَمْ يَذْهَبْ قَلْبِي حِينَ رَجَعَ الرَّجُلُ مِنْ مَرْكَبَتِهِ لِلِقَائِكَ؟ أَهُوَ وَقْتٌ لأَخْذِ الْفِضَّةِ وَلأَخْذِ ثِيَابٍ وَزَيْتُونٍ وَكُرُومٍ وَغَنَمٍ وَبَقَرٍ وَعَبِيدٍ وَجَوَارٍ؟ فَبَرَصُ نُعْمَانَ يَلْصَقُ بِكَ وَبِنَسْلِكَ إِلَى الأَبَدِ». فَخَرَجَ مِنْ أَمَامِهِ أَبْرَصَ كَالثَّلْجِ. (ملوك الثاني 25:5-27)

وكما يخبرنا الكتاب المقدس أن السيد المسيح كان له سلطان على البحر فانتهره (متى 26:8-27)، ومشى فيه (متى 25:14-26)، يخبرنا أيضا أن النبي أليشع كان له سلطان على البحر فضربه وعبره. فعلى سبيل المثال، نقرأ: فَأَخَذَ رِدَاءَ إِيلِيَّا الَّذِي سَقَطَ عَنْهُ وَضَرَبَ الْمَاءَ وَقَالَ: «أَيْنَ هُوَ الرَّبُّ إِلهُ إِيلِيَّا؟» ثُمَّ ضَرَبَ الْمَاءَ أَيْضًا فَانْفَلَقَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ، فَعَبَرَ أليشع. (ملوك الثاني 14:2)

وكما يخبرنا الكتاب المقدس أن السيد المسيح قد أحيا الموتى (متى 24:9-25)، يخبرنا أيضا أن النبي أليشع أحيا الموتى. فعلى سبيل المثال، نقرأ: وَدَخَلَ أليشع الْبَيْتَ وَإِذَا بِالصَّبِيِّ مَيْتٌ وَمُضْطَجعٌ عَلَى سَرِيرِهِ. فَدَخَلَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ عَلَى نَفْسَيْهِمَا كِلَيْهِمَا، وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ. ثُمَّ صَعِدَ وَاضْطَجَعَ فَوْقَ الصَّبِيِّ وَوَضَعَ فَمَهُ عَلَى فَمِهِ، وَعَيْنَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ، وَيَدَيْهِ عَلَى يَدَيْهِ، وَتَمَدَّدَ عَلَيْهِ فَسَخُنَ جَسَدُ الْوَلَدِ. ثُمَّ عَادَ وَتَمَشَّى فِي الْبَيْتِ تَارَةً إِلَى هُنَا وَتَارَةً إِلَى هُنَاكَ، وَصَعِدَ وَتَمَدَّدَ عَلَيْهِ فَعَطَسَ الصَّبِيُّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ فَتَحَ الصَّبِيُّ عَيْنَيْهِ. فَدَعَا جِيحْزِي وَقَالَ: «اُدْعُ هذِهِ الشُّونَمِيَّةَ» فَدَعَاهَا. وَلَمَّا دَخَلَتْ إِلَيْهِ قَالَ: «احْمِلِي ابْنَكِ». (ملوك الثاني 32:4-36)

وكما يخبرنا الكتاب المقدس أن السيد المسيح قد أبرأ الأكمه (متى 28:9-30)، يخبرنا أيضا أن النبي أليشع قد أبرأ الأكمه من العمى بل وأصاب بالعمى. فعلى سبيل المثال، نقرأ: وَصَلَّى أليشع وَقَالَ: «يَا رَبُّ، افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ». فَفَتَحَ الرَّبُّ عَيْنَيِ الْغُلاَمِ فَأَبْصَرَ، وَإِذَا الْجَبَلُ مَمْلُوءٌ خَيْلاً وَمَرْكَبَاتِ نَارٍ حَوْلَ أليشع. وَلَمَّا نَزَلُوا إِلَيْهِ صَلَّى أليشع إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «اضْرِبْ هؤُلاَءِ الأُمَمَ بِالْعَمَى». فَضَرَبَهُمْ بِالْعَمَى كَقَوْلِ أليشع. فَقَالَ لَهُمْ أليشع: «لَيْسَتْ هذِهِ هِيَ الطَّرِيقَ، وَلاَ هذِهِ هِيَ الْمَدِينَةَ. اتْبَعُونِي فَأَسِيرَ بِكُمْ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي تُفَتِّشُونَ عَلَيْهِ». فَسَارَ بِهِمْ إِلَى السَّامِرَةِ. فَلَمَّا دَخَلُوا السَّامِرَةَ قَالَ أليشع: «يَا رَبُّ افْتَحْ أَعْيُنَ هؤُلاَءِ فَيُبْصِرُوا». فَفَتَحَ الرَّبُّ أَعْيُنَهُمْ فَأَبْصَرُوا وَإِذَا هُمْ فِي وَسَطِ السَّامِرَةِ. (ملوك الثاني 17:6-20)

وكما يخبرنا الكتاب المقدس أن الله بارك في طعام المسيح القليل حتى أكل منه الكثيرون (متى 14:14-21)، يخبرنا أيضا أن الله بارك في طعام النبي أليشع القليل حتى أكل منه الكثيرون. فعلى سبيل المثال، نقرأ: وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَعْلِ شَلِيشَةَ وَأَحْضَرَ لِرَجُلِ اللهِ خُبْزَ بَاكُورَةٍ عِشْرِينَ رَغِيفًا مِنْ شَعِيرٍ، وَسَوِيقًا فِي جِرَابِهِ. فَقَالَ: «أَعْطِ الشَّعْبَ لِيَأْكُلُوا». فَقَالَ خَادِمُهُ: «مَاذَا؟ هَلْ أَجْعَلُ هذَا أَمَامَ مِئَةِ رَجُل؟» فَقَالَ: «أَعْطِ الشَّعْبَ فَيَأْكُلُوا، لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: يَأْكُلُونَ وَيَفْضُلُ عَنْهُمْ». فَجَعَلَ أَمَامَهُمْ فَأَكَلُوا، وَفَضَلَ عَنْهُمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. (ملوك الثاني 42:4-44)

بل يخبرنا الكتاب المقدس أن النبي أليشع جعل الطعام غير الصالح للأكل صالحا للأكل. فنحن نقرأ: وَرَجَعَ أليشع إِلَى الْجِلْجَالِ. وَكَانَ جُوعٌ فِي الأَرْضِ وَكَانَ بَنُو الأَنْبِيَاءِ جُلُوسًا أَمَامَهُ. فَقَالَ لِغُلاَمِهِ: «ضَعِ الْقِدْرَ الْكَبِيرَةَ، وَاسْلُقْ سَلِيقَةً لِبَنِي الأَنْبِيَاءِ». وَخَرَجَ وَاحِدٌ إِلَى الْحَقْلِ لِيَلْتَقِطَ بُقُولاً، فَوَجَدَ يَقْطِينًا بَرِّيًّا، فَالْتَقَطَ مِنْهُ قُثَّاءً بَرِّيًّا مِلْءَ ثَوْبِهِ، وَأَتَى وَقَطَّعَهُ فِي قِدْرِ السَّلِيقَةِ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا. وَصَبُّوا لِلْقَوْمِ لِيَأْكُلُوا. وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ مِنَ السَّلِيقَةِ صَرَخُوا وَقَالُوا: «فِي الْقِدْرِ مَوْتٌ يَا رَجُلَ اللهِ!». وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَأْكُلُوا. فَقَالَ: «هَاتُوا دَقِيقًا». فَأَلْقَاهُ فِي الْقِدْرِ وَقَالَ: «صُبَّ لِلْقَوْمِ فَيَأْكُلُوا». فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ رَدِيءٌ فِي الْقِدْرِ. (ملوك الثاني 38:4-41)

وكما يخبرنا الكتاب المقدس أن السيد المسيح حول الماء خمرا (يوحنا 3:2-10)، يخبرنا أيضا أن النبي أليشع قد أبرأ المياه الردية. فنحن نقرأ: وَقَالَ رِجَالُ الْمَدِينَةِ لأليشع: «هُوَذَا مَوْقِعُ الْمَدِينَةِ حَسَنٌ كَمَا يَرَى سَيِّدِي، وَأَمَّا الْمِيَاهُ فَرَدِيَّةٌ وَالأَرْضُ مُجْدِبَةٌ». فَقَالَ: «ائْتُونِي بِصَحْنٍ جَدِيدٍ، وَضَعُوا فِيهِ مِلْحًا». فَأَتَوْه بِهِ. فَخَرَجَ إِلَى نَبْعِ الْمَاءِ وَطَرَحَ فِيهِ الْمِلْحَ وَقَالَ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: قَدْ أَبْرَأْتُ هذِهِ الْمِيَاهَ. لاَ يَكُونُ فِيهَا أَيْضًا مَوْتٌ وَلاَ جَدْبٌ». فَبَرِئَتِ الْمِيَاهُ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، حَسَبَ قَوْلِ أليشع الَّذِي نَطَقَ بِهِ. (ملوك الثاني 19:2-22)

وكما يخبرنا الكتاب المقدس أن السيد المسيح قضى على الشياطين التي تلبست الخنازير (متى 30:8-32) ولعن شجرة التين فيبست (متى 19:21-21)، يخبرنا أيضا أن النبي أليشع لعن الصغار الساخرين منه فافترستهم الدببة. فنحن نقرأ: ثُمَّ صَعِدَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى بَيْتِ إِيلَ. وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي الطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ: «اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ!». فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ، فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ الْوَعْرِ وَافْتَرَسَتَا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَدًا. (ملوك الثاني 23:2-24)

النبي اليسع في الإسلام

لم ترد عن النبي اليسع تفاصيل كثيرة في القرآن الكريم، إلا أنه يكرمه ويثني عليه في المواضع القليلة التي ورد اسمه بها. فعلى سبيل المثال، يذكر القرآن الكريم أن اليسع من الأنبياء الذين فضلوا على العالمين. فنحن نقرأ:

وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (الأنعام 86:6)

كما يذكر القرآن الكريم أن النبي اليسع من الأخيار. فنحن نقرأ:

وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (ص 48:38)

التعليق

في الإسلام، تتسق النصوص مع مكانة النبي اليسع كنبي من أبرز أنبياء الله. أما في المسيحية، فلا تتسق نصوص الكتاب المقدس مع مكانة النبي أليشع كنبي عادي من آحاد الأنبياء. وإنما تساوي نصوص الكتاب المقدس بين أليشع والسيد المسيح في معجزاتهما، بل وتنسب إليه من المعجزات ما قد يفوق معجزات السيد المسيح نفسه.

فإذا كان أليشع قد أحيى الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص مثل السيد المسيح، فلماذا لا يتخذ إلها أو أقنوما لإله مثل السيد المسيح؟

وبمعنى آخر، إذا كان إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص مؤهلات للألوهية عند المسيحيين، فلماذا لا يتخذ أليشع إلها أو أقنوما لإله مثل السيد المسيح؟

_________

المراجع:
1.القرآن الكريم
2.الكتاب المقدس

_________

https://hidayat-alhayara.com/ موقع هداية الحيارى الدعوي