إنه النبي “يونس” عليه السلام أو “ذو النون” أو “صاحب الحوت” كما سماه القرآن الكريم أو يونان كما سماه الكتاب المقدس. والنبي يونس عليه السلام من الأنبياء القلائل الذين روت قصتهم النصوص المقدسة سواء في الكتاب المقدس أو القرآن الكريم بشيء من التفصيل وبقدر كبير من الاتفاق والتوافق على الأحداث الرئيسية. لنلق الآن نظرة على قصة النبي يونس أو يونان في الكتاب المقدس والقرآن الكريم.

النبي يونس أو يونان في المسيحية

يروي الكتاب المقدس في عهده القديم قصة النبي يونس أو يونان باستفاضة، حيث يضم سفرا كاملا يحمل اسم النبي يونان ويتكون من 4 إصحاحات، تتناول كلها قصة النبي يونان عليه السلام.

فتبدأ قصة النبي يونان عليه السلام من أول أعداد الإصحاح الأول من سفر يونان عند قوله: وَصَارَ قَوْلُ الرَّبِّ إِلَى يُونَانَ بْنِ أَمِتَّايَ قَائِلاً: «قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ وَنَادِ عَلَيْهَا، لأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ شَرُّهُمْ أَمَامِي». (يونان 1:1-2)

وتنتهي قصته عليه السلام مع آخر أعداد الإصحاح الرابع من سفر يونان عند قوله: …أَفَلاَ أَشْفَقُ أَنَا عَلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ رِبْوَةً مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ يَمِينَهُمْ مِنْ شِمَالِهِمْ، وَبَهَائِمُ كَثِيرَةٌ؟». (يونان 11:4)

النبي يونس في الإسلام

تتناول إحدى سور القرآن الكريم قصة النبي يونس حتى أنها تحمل اسمه “سورة يونس” لأن بعض آياتها تتناول قصته عليه السلام. ففيها نقرأ:

فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (يونس 98:10)

كما ترد تفاصيل أخرى لقصته عليه السلام أيضا في سور أخرى من القرآن الكريم مثل سور الأنبياء والصافات والقلم. ففي سورة الأنبياء نقرأ:

وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (الأنبياء 87:21-88)

وفي سورة الصافات نقرأ:

وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ. فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ. فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ. لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ .وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ. وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ. فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (الصافات 139:37-148)

وفي سورة القلم نقرأ:

فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ. لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ. فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (القلم 48:68-50)

وعلى الرغم من الإلقاء باللائمة على النبي يونس لمخالفته أمر الله عز وجل في القرآن الكريم، إلا أن فيه تكريم لهذا النبي الكريم والثناء عليه. فعلى سبيل المثال، يخبرنا القرآن الكريم أن النبي يونس ممن فضلوا على العالمين. فنحن نقرأ:

وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (الأنعام 86:6)

التعليق

تتشابه تفاصيل قصة النبي يونس في القرآن الكريم مع تفاصيلها في الكتاب المقدس إلى حد كبير، إلا أن تفاصيلها في الكتاب المقدس أكثر منها في القرآن الكريم.

وليس من الغريب أن تتشابه قصص الكتاب المقدس والقرآن الكريم على افتراض وحدة مصدرهما، بل سيكون الغريب أن تختلف هذه القصص ولاسيما إذا كان هذا الاختلاف اختلافا جوهريا.

كما أنه ليس من الغريب أن تكون تفاصيل هذه القصص في أحد الكتابين أكثر منها في الكتاب الآخر. فيلاحظ أن الكتاب المقدس غالبا ما يكون أكثر تفصيلا في قصصه من القرآن الكريم. ولا عجب، فالنص القرآني أكثر اختصارا وإيجازا مراعاة لسهولة تلاوته وحفظه. أما الكتاب المقدس فلا يراعى فيه هذا الاعتبار، فنجد فيه تفاصيل كثيرة قد لا يحتاجها القارئ اليوم سواء كانت القراءة للتعبد أو للمعرفة.

_________

المراجع:
1.القرآن الكريم
2.الكتاب المقدس