تخرج الشيخ في الكلية الفنية العسكرية دفعة ٩ برتبة ملازم أول وتم تعيينه معيداً بنفس الكلية ، ولما عين الرئيس السادات الفريق سليم وزيراً للدفاع أخذ معه إلى مكتب الوزارة أنجب تلاميذه من المعيدين والمدرسين بالكلية ومن بينهم فضيلة الشيخ سعيد حماد ، ولم يستمر في الوزارة إلا ستة أشهر فقط
وعليه أعادوا الشيخ إلى وحدة عسكرية ، فطلب منهم عودته إلى الكلية فرفضوا….
ثم مر الشيخ ببعض الظروف أدت بعد ذلك إلى صدور قرار جمهوري بنقله من وزارة الدفاع إلى وزارة النقل والمواصلات (الاتصالات فيما بعد) ليترقى فيها ويثبت كفاءة عالية ، حتى صدر قرار بتعيينه مديراً عاماً وعمره ٣٤ سنة فقط ليكون أصغر من يشغل هذا المنصب ٱنذاك
هذا في حياة مليئة بالبذل والعطاء والتفوق والتميز والنجاح إلى أن أحيل للتقاعد عام ٢٠٠٩ م ليبدأ رحلة جديدة مع الدعوة في أفريقية
والكلام عن الشيخ يطول لعظم شخصيته وكثرة الجوانب المضيئة فيها
واذكر على سبيل المثال لا الحصر ولعل الله ييسر بعد ذلك ويفتح علينا من فضله
———————-
أولاً : علاقة الشيخ بالقرآن الكريم فقد كان الشيخ من أهل القرآن وكان يقرأ بالقراءات العشر وكان حسن الصوت سريع الاستحضار للآيات كأن القرآن بين عينيه ( يبكي عند قراءته أحياناً مدافعاً عبراته بادياً عليه التأثر بما يقرأ).
ثانياً : حب الشيخ للدعوة إلى الله فكانت الدعوة تجري في عروقه شديد الاعتزاز بالإسلام يحسن عرضه على غير المسلمين قابلت قرى بأكملها أسلمت على يديه في غرب أفريقيا ومنهم من رأيته وقد حسن إسلامه – ولله الحمد –
ثالثاً : كثرة ذكره لله فكان الشيخ لا يفتر لسانه عن ذكر الله ، كثيراً ما كان يبحث لي عن رسائل معينة في هاتفه فيبحث وهو يردد سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله …… وكنا إذا تحدثنا في أي أمر مهماً كان أهميته فسمع الأذان يسكت ويقول ردد الأذان.
رابعاً : الحرص على قيام الإخوة الإيمانية وتقوية الأواصر بين فريق العمل فكان يقول لي : اذهب إلى المكان الفلاني ستجد فلاناً أخوك في الله وستعرفه وتحبه كثيراً في الله.
خامساً : إيمان الشيخ بقضية العمل الجماعي وحرصه الشديد عليها وإرساء مبدأ الشورى في قراراته.
سادساً : حرص الشيخ على وقته وتعليم ذلك لكل من حوله،،، ذكر الشيخ أنه كان مع ولده الدكتور عبدالله فقابلوا أحد العلماء فطلب منه النصيحة لولده فأوصاه بمجموع الفتاوي وفتح الباري وشرح الإمام النووي على صحيح مسلم ، فالتفت إلى ولده وذكر عدد صفحات الكتب الثلاثة ثم أخبره بما يجب عليه قراءته في اليوم الواحد ليتمها في أربع أو خمس سنين.
سابعاً : اكتشاف المواهب وتعريف الناس بقدراتهم وتعليمهم الاعتزاز بالله وبهذا الدين وهذا كان له تأثير علي في شخصي وفارق عجيب في حياتي.
وحسبك في اكتشاف المواهب الشيخين الجليلين الشيخ علي حاتم – رحمه الله – وشيخي وأستاذي ومعلمي فضيلة الشيخ سعيد السواح – حفظه الله – وفضيلة الشيخ الدكتور سعيد الروبي – حفظه الله – وغيرهم الكثير من أبناء هذه الدعوة المباركة ومشايخها.
ومن اللطائف
أنه ذكر لي مرة أنه كان في ضائقة فكان كثير الصلاة والتضرع ثم خنقته العبرة وبكي وقال لي (وكنت في أكثر الليالي أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وكان هذا مما يثبتني)
أخيراً وليس آخراً : حث الناس على العلم فذكر – رحمه الله – أن أحد الإخوة الأفاضل ذكر له ما يلقى من ولده في مرحلة المراهقة فرد عليه الشيخ : كم كتاباً قرأت عن التربية وعن المراهقة وهذه المرحلة العمرية فرد الأخ لم أقرأ شيئاً فقال له الشيخ اقرأ ثلاثة كتب ثم تعال نتكلم، قال الشيخ فلم أره بعدها ثم قابلته فسألته فقال لي جزاك الله خيراً ، تم حل الأمر لقد قرأت ١٣ كتابا ووفقني الله وهدى ولدي.
وهذا كله ليس شيئاً في بحر فضائله ، فإنه رحمه االه فيما رأيت وأحسب رجل بأمة والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً
وبعد ،،
المصاب جلل والخطب كبير فعلى مثله تبكي البواكي وتذرف العبرات وتحزن القلوب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا
اللهم اغفر لعبدك سعيد حماد وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين اللهم أدخله الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب اللهم أسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً واجمعنا وإياه بنبينا محمد في جوارك يا كريم اللهم لا تحرمنا أجره ولت تفتنا بعده.
صور من الجنازة