بسم الله الرحمن الرحيم
شبه الله عز وجل أوهن البيوت ببيت العنكبوت، وتلك حقيقة قد يعيشها البعضوهو لا يدري، فكم منا يحيى في بيت من بيوت العنكبوت ووعيه مغيب على أن يدركتلك الحقيقة، بل ومغيب على أن يقف على الأسباب التي أودت ببيته إلى تلكالحالة من الضعف الخفي، فبيته الذي يبدو للناظر من أول وهلة متماسك موزونالبناء هو نسج من خيوط واهية أوهن من أن تصمد للمسة لامس أو هبة ريح .. ونعود فنسأل لماذا هذا الوهن؟ وكيف حدث دون أن ندري؟!
الواقع أنه ثمة عوامل متعددة تتشارك في الوهن الخفي للبيوت. لكن أحد أهموأشهر تلك العوامل هو «الفراغ العاطفي» الذي يعود غالبا إلى فتور وهجالعاطفة بقدر كبير بين الزوجين بعد الزواج .. ففي مرحلة الخطوبة يجد الخاطبالطاقة والنشاط الكافيين لإظهار وإثبات اهتمامه بالإنسانة التي لفتتانتباهه، فتراه يغدق عليها الهدايا والعناية الخاصة جدا. وبعد أن يبلغ هدفهويستحوذ عليها بالزواج، ويطمئن إلى أن الزوجة التي أرادها وناضل للحصولعليها قد امتلكها بل كسبها، ينقل اهتمامه إلى «شيء آخر»! مما تقتضيهضروريات الحياة، فتستفيق الزوجة مع مرور الأيام بعدما تدرك التراجع فياهتمام زوجها بها – إن لم نقل انعدام هذا الاهتمام – مما يدفعها إلى الشعوربأنه خدعها .. وبما أن الزوجة ليست من النوع الذي يتجاهل انفعالاتهوعواطفه، وبما أنها تتألم لما آل إليه وضعها. تحسم أمرها وترحل عاطفيا منحياة زوجها، فتقاسي آلام الحرمان العاطفي في كل لحظة تعيشها معه.
كيف تشبع عاطفة زوجتك؟
يلعب الزوج دوراً حيوياً وكبيراً في إثراء المحبة وتوطيدها حينما ينجح فيإرسال رسائل إيجابية لزوجته بأن زوجها هو ذلك الرجل الذي رسمته في خيالها. يجسد القوة والحنان والتسامح. يحتوي ضعفها وأنوثتها. صبور أمام انفعالاتهافي المنعطفات الصحية الطارئة (الحيض والحمل والنفاس ..). يقدّر اضطراباتهاالهرمونية وحالاتها المزاجية المتقلبة. يتعامل مع ظروفها النفسية بصبروجلد. يمتص آلامها وأحزانها. يقف في أزماتها موقف السند القوي الذي يحميهامن عوز الحاجة وقسوة الأيام .. كل هذه الصور سوف ترسم في قلبها ملامح جميلةتزدهر وتتألق مع الأيام حتى آخر لحظة من حياتها .. ستحبه، ستعطيه دون حدود،ستتحول الحياة معه إلى جنة وارفة الظلال، ستتغاضى عن قصوره في الجوانبالأخرى، لأنه بالنسبة لها الوطن، الحنان، القوة، الثبات .. ستشعر به أباًوزوجاً وحبيباً وصديقاً، فما أغرب الرجال وهم يشتكون برود زوجاتهم العاطفي،وإهمالهن لجمالهن، وقساوتهن، وجفاءهن، وهم في كل هذا الخضم غير مدركين أنالمعاني الجميلة تختفي من قلب المرأة حينما تكفر بالرجل.
• عندما تُخبر زوجتك أنك تحبها، فأنت تعلّمها أن تحبك .. قد يعتقد البعض أنالشخص الذي يحبه لا يحتاج إلى سماع هذه الكلمة، أو أنه لن يأخذها مأخذالجد، وربما يكون العناد أو التكبر هما ما يمنعنا من ذلك .. ومهما كانتالأسباب لا يوجد مبرر يجعلك لا تقول لزوجتك «أنا أحبك».
• الكلام عن المشكلة أمام شخص يصغي بانتباه، مسألة حيوية بالنسبة للمرأة،فإذا لم تروّح عن نفسها مع الإنسان الذي يشاركها حياتها، يتفاقم غضبها الذيتصبه في النهاية عليه هو نفسه، لا لأنه منبع المشاكل التي تواجهها بل لأنهلم يكن البحر الذي تغرق فيه هذه المشاكل. فإذا كفت زوجتك عن الإفصاح لك بكلما يزعجها عليك أن تقلق لأن ثمة ما يقلق، وإن لم تعد زوجتك تطلعك على كل مايعتمل في نفسها، فلأنها لم تعد تثق بك ولم تعد ترى في شخصك ملجأ لها وملاذاتفرغ فيه الضغط الذي تتعرض له.
• الرجال يميلون عادة إلى الاعتقاد بأن الكلام هدفه «تقديم المعلومات»،وبالتالي يصبح الهدف من الإصغاء هو تلقي المعلومات، أي التسليم بأن معلوماتالشخص الآخر أكثر وفرة من معلوماتهم. وهذا في الواقع اعتقاد خاطئ، فالإصغاءيعني الاهتمام بالآخر وبرغباته، فاسمع من شريكتك واسكت، وكف عن الاعتقادبأن الإصغاء لزوجتك من دون إبداء لرأي تصرف لا يليق بك كرجل.
• لا تشعر زوجتك بأنها مهانة لديك، بل يجب أن تشعرها أنها ملكة معززةمكرمة، ولا تنس الثناء عليها بين الفينة والأخرى أمام الأبناء وذويها وذويكفي حضرتها وغيابها.
• تحتاج الزوجة أن تدرك أن زوجها يعطي أهمية أولى لمشاعرها وحاجاتهاورغباتها وأمانيها، فعندها تشعر باحترامه لها. وهذا من خلال إظهار الزوجاهتمامه الحقيقي بها، ومن خلال تذكر المناسبات الخاصة التي تخصها كذكرىزواجهما، ومن خلال القيام بتصرفات إيجابية رومانسية تظهر اهتمامه بها كهديةباقة الورد .. فالزهور لغة الحب العالمية والتاريخية، وهي لا تكلف كثيرا،وتباع في طريقنا اليومي .. فلماذا تنتظر دخول زوجتك إلى المستشفى لتقدم لهاباقة من الزهور؟!
• لا تطيق المرأة أي انتقاد يوجه إليها بصدد مظهرها الخارجي على وجهالخصوص. وقلما توجد امرأة راضية تماماً عن مظهرها الخارجي، وتراها تسعىباستمرار لأن تكتشف فيما لو كانت ما تزال جذابة في نظر زوجها .. لذا فعليكأن تسعى دائما – قدر إمكانك – للتأكيد لها أنك تجدها فعلاً جميلة ومثيرةورائعة.
كيف تشجعين زوجك على تلبية حاجاتك العاطفية؟
الرجل يحتاج للتقدير والتشجيع حتى يستمر في العطاء، ويتوقف عن العطاء عندمايشعر أن شريكته تعتبر ما يقدمه فرضًا عليه أداؤه .. إنه يحتاج للشعور بأنزوجته تقدر ما يقوم به، وتثق به وبإمكاناته، وبقدرته على القيام بالأعمالالمطلوبة منه.
وفي كل مرة تقدر الزوجة ما قدمه لها الزوج فإنه يشعر بالحب، ويمنحها الحبفي المقابل، فتذكري أن الحاجة الأولية للرجل هي «التقدير».
وكثيرا ما تجهل المرأة القوة التي يحققها حبها، فتحاول دون داع أن تلتمس حبالرجل بأداء أعمال لا يريدها ولا يحتاجها، فالمصدر الرئيسي للحب عند الرجلهو «الاستحسان المحب لتصرفاته» فالرجل أيضا له خزان حب، ولكنه لا يملأ بماتفعله المرأة من أجله، بل يملؤه رد فعلها الإيجابي لما يقوم به، وتعبيرهاعن شعورها نحوه.
والنساء مرهفات الحس وغالبا ما تبكي لرؤية مشهد درامي، أو عندما يكسرظفرها، أو عندما لا تعجبها قصة شعرها، والأسوأ من هذا أنها تتوقع من الرجلأن يغير كل شيء بحركة واحدة وكأنه ساحر! .. بالطبع يحب الرجل المرأةالعاطفية، ولكنه لا يحب سيل الدموع المنهمر لأنه ببساطة غير مبرمج علىالتعامل مع هذه المواقف .. دعي دموعك جانبا، وتحدثي معه عما يضايقك.
وأخيرا لا يفوتنا التأكيد على أنه عندما يكون الزوجان أصدقاء في المقامالأول فإن الأمور تسير طبيعية من تلقاء نفسها، فالصداقة تحث الصديق أن يدعمصديقه ويحتمله ويعطف عليه، ويلتمس له العذر، كما أن الصداقة تسهل عمليةالتواصل، وتمهد الطريق لانشراح الصدور، كما أنها أيضًا تعني التزام الجديةإذا تطلب الأمر ذلك، فالصديق المخلص على اتصال دائم بصديقه، يجده وقتالرخاء، ولا يفتقده وقت الشدائد.
د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com