الخوف من كلام الناس
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخوف من كلام الناس، ظاهرةٌ اجتماعيةٌ متفشيةٌ في المجتمع تربى عليها الصغير، وشاب عليها الكبير، وأصبحت هاجسًا لدى كثير من الناس، ويُحسب لها ألف حساب، فأثَّرت سلبًا على حياة كثير من الناس، فأثنت عزائم المجتهدين، وأوقعت البعض في ارتكاب الإثم المبين، والخوف من كلام الناس قضية اهتمَّ بها الدينُ وضبَطها، فهل الخوفُ من كلام الناس كله ممدوح أم مذموم؟ هذا ما أود الحديث عنه.
إن كلام الناس له تأثير عجيبٌ على النفوس، قد يثني العزائمَ، ويعيق المسلم عن تحقيق الاستقامة في حياته، إلا أن له بعض الفوائد في منع المسلم من اقتراف ما لا يليق.
لقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بترك الشبهات وأماكن الريبة؛ خوفًا من الوقوع في كلام الناس، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ)، ومعنى (اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ)؛ أي: حفِظ دينه، وصان عرضه من أن يتكلمَ الناسُ فيه، ولذلك عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم معتكفًا في العشر الأواخر من رمضان في مسجده، زارته ليلًا أم المؤمنين صفية، ثم قَامَ صلى الله عليه وسلم مَعَهَا ليوصلها، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ، مَرَّ رَجُلانِ مِنْ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ)، فَقَالا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنْ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا)، فالنبي صلى الله عليه وسلم دفع عن نفسه الريبة وكلام الناس عنه، ولعله فعل ذلك أيضا شَفَقَة عَلَيْهِمَا لأَنَّهُمَا لَوْ ظَنَّا بِهِ ظَنَّ سُوء كَفَرَا، فَبَادَرَ إِلَى إِعْلامهمَا بأنها زوجته لِئَلاَّ يَهْلِكَا؛ لذلك من رؤي مع زوجته في خلوة مريبة، فرآه بعض أصحابه عليه أن يخبره بأنها زوجته؛ لئلا يسيء الظن به، فيتكلم الناس في عرضه.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتنع أحيانًا عن فعل بعض الأشياء خوفًا من كلام الناس، ولكن معظم خوفه صلى الله عليه وسلم كان لصالح الدعوة الإسلامية، فقد روى جَابِرُ بن عبداللَّهِ ضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ (أي ضرب رجل) مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: (مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: (دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ)، فَسَمِعَ بِذَلِكَ عبداللَّهِ بن أُبَيٍّ، فَقَالَ: فَعَلُوهَا! أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (دَعْهُ لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ)؛ متفق عليه.
فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من قتل المنافقين خوفًا أن يتحدث الناس في مجالسهم بأن محمدًا يقتل أصحابه، فيمتنعون عن الدخول في الإسلام.
وذات يوم جاءت امرأة من قُضَاعَةَ تُدعى أمُ كبشة، فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تغزو معه، فقال لها: (لا)، فقالت: يا رسول الله، إني أداوي الجريح، وأقوم على المريض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجلسي، لا يتحدثُ الناسُ أنَّ محمدًا يغزو بامرأةٍ)؛ أخرجه ابن سعد وصححه الألباني، فمنع مشاركتها في الغزو خوفًا أن يعيِّره المشركون.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم حين يأمر الناس بأمر أو ينهاهم عنه، يحرص أن يكون أهل بيته أول من يعمل بذلك؛ ليكون هو وأهلُ بيته أُسوةً للجميع، فلا يترك ثغرة للمنافقين كي يتكلموا فيه، أو في أهل بيته، كلنا يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان زاهدًا، ويأمر أهله بالزهد، فذات يوم رأى ابنته فاطمة رضي الله عنها لابسة سلسلة من ذهب أهداها لها زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال لها صلى الله عليه وسلم: (يا فاطمةُ أيسُرُّك أن يقولَ الناسُ فاطمةُ بنتُ محمدٍ في يدِها سلسلةٌ من نارٍ؟)، فخرج ولم يقعدْ فعمدتْ فاطمةُ إلى السِّلسلةِ فباعتْها فاشترت بها نسَمةً فأعتقَتْها، فبلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: الحمدُ لله الذي نجَّى فاطمةَ من النارِ)؛ رواه الحاكم والنسائي.
والخوف من أن يتكلم الناس فيك قد يكون ممدوحًا إذا كان هذا الخوف يمنعك من الوقوع في أمور ينبذها عرفُ الناس وتقاليد المجتمع، ليس لحُرمتها، وإنما لكونها لا توافق الذوق العام، كمثل الذي يمتنع عن الخروج إلى الشارع بسراويله الداخلية، أو يمتنع من مضغ العلك في مجلس عام، خوفًا من أن يتكلم الناس فيه، فيسخروا منه ونحو ذلك؛ لذلك ينبغي للمسلم أن يسعى لحفظ عرضه، وأن يبتعد عن كل ما يشينه ويعرضه لطعن الناس وغيبتهم.
ومن امتنع من الوقوع في أمر محرم أو منهي عنه، خوفًا من كلام الناس عليه، فهو لن يثاب على تركه لهذا المنكر؛ لأنه لم يتركه من أجل الله تعالى، وإنما تركه خوفًا من كلام الناس أو لمكانته الاجتماعية، فالمرأة التي تمتنع عن التبرج خوفًا من بطش زوجها، أو انتقاد أهلها ومجتمعها لها، لن تثاب على تركها لهذا التبرج؛ لأنها لم تتركه لله عز وجل، فتخسر بذلك أجرًا كبيرًا، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (يَقُولُ اللَّهُ: إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ)؛ رواه البخاري.
ومن فعل طاعة خوفًا من انتقاد الناس له، فضحه الله تعالى يوم القيامة، فالذي يصلي مثلًا خوفًا من أن يتكلم الناس عليه، سيفضَحه الله تعالى يوم القيامة حينما يجعل ظهره طبقة واحدة، فلا يستطيع السجود حين يؤمر الناس بالسجود، قال صلى الله عليه وسلم: (فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلاَّ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ بِالسُّجُودِ، وَلا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاءً وَرِيَاءً – أي اتقاءً لكلام الناس عليه – إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ)؛ رواه مسلم.
ويكونُ الخوف من كلام الناس مذمومًا إذا منعك عن فعل الخير، واضطرك إلى ارتكاب المنهيات أو المكروهات، وهذا ما يكثر في حياة الناس اليوم، فهم لا يستجيبون لكثير من أوامر النبي صلى الله عليه وسلم؛ إما اتباعًا للهوى، أو خوفًا من كلام الناس وانتقادهم، وكلا الأمرين لن يقيا العبد من عذاب الله.
فانظر إلى كثير من الذين يطيلون ثيابهم إلى أسفل الكعبين، أجزم أنهم يعرفون حرمة ذلك، ولو سألت أحدهم: لِمَ لا تستجيبُ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي حذر بأن ما أسفل الكعبين من الإزار في النار؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم أيضًا: (من وطئ على إزاره خُيلاء، وطئ في نار جهنم)، لرأيت لسان حاله يقول لك: أخاف انتقاد الناس لي، أو سخريتهم مني، فهو يخشى الناس ولا يخشى عقاب الله، ونسي قول الله تعالى: ﴿ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾ [المائدة: 44].
ولو سألت أحدهم لِمَ تَحلق لحيتك وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتركها؟ أو قل سنَّ النبي تركها وعدم حلقِها؟ حيث قال في الحديث المتفق عليه: (خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ؟)، لرأيت لسان حاله يقول لك: أخاف انتقاد الناس لي، أو سخريتهم علي، ونسي قول الله تعالى: ﴿ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 13].
وترى بعض الناس يبالغون في الإسراف في ولائم الزواج، ولو سألت أحدهم عن سبب إسرافه أو تبذيره، لوجدت أنه الخوف من كلام الناس؛ الخوف أن ينتقدوه أو يعيروه بأنه لم يؤدي واجب الضيافة، ولكنه لم يخف من بغض الله للمسرفين؛ حيث قال: ﴿ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأنعام: 141].
بينما سلمان الفارسي رضي الله عنه حين دخل عليه ضيف، قدم له ما لديه ولم يتكلف له، فعلل فعله ذلك بقوله: لولا أنَّ رسولَ اللهِ نَهانا أو قال: لولا أنَّا نُهينا أنْ يتكَلَّفَ أحَدٌ لصاحِبِه، لتكَلَّفْنا لكَ، فلم يخف من كلام الناس وانتقادهم، وإنما فعل ما يعتقد صوابه.
وترى بعض المغنين يعلم بأنه يسير في طريق لا يرضي الله تعالى بغنائه ومجونه، وبعضهم يريد أن يقلع عن هذا الغناء، وبعضهم سمعنا عن توبته، ولكن سرعان ما عاد إلى غيِّه، والسبب: الخوف من كلام الناس، أو الخوف من أن يخسر جمهوره، أو الخوف أن ينتقدوه بعد أن صفقوا له سنوات طويلة، فقد طلب رضاهم وخاف انتقادهم، ولم يطلب رِضَا الرحمن، وقد قال صلى الله عليه وسلم محذرًا: (مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ سَخَطَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ الناسَ)، ولنا عبرة في أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم الذي امتنع عن دخول الإسلام رغم معرفته بالحق خوفًا أن تعيِّره العرب؛ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (قلْ: لا إلَهَ إلاَّ اللَّه، أشْهَدْ لَكَ بِها يومَ القيامةِ)، قال: لولا أن تعيِّرَني قريشٌ، يقولون: إنَّما حملَهُ على ذلِكَ الجزَعُ، لأقررتُ بِها عينَكَ، رواه مسلم؛ فخاف من كلام الناس وانتقادهم فهل نفعوه؟
وعلى مستوى الأمة دولًا وشعوبًا ومجتمعات، فقد تجد بعضها لا يطبق شرع الله ولا يحتكم إلى أوامر دينه، أو قد يستحيي أن يعلن للعالم أنه يستمد تشريعاته من الإسلام إرضاءً للغرب، وخوفًا من انتقاد منظمات حقوق الإنسان اليهودية التي تكيل بمكيالين، والله جل في علاه قد أخبرنا سلفًا بقوله: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 120]، وترى البعض من هؤلاء يداهنون مَن فوقهم إرضاءً ومجاملة لهم، ولو أوقعهم ذلك في سخط الله تعالى.
فلنعلم أن الذي يترك ما يحبه الله تعالى من أجل الناس، ويرتكب ما يغضب الله سبحانه خوفًا من ألسنة الناس، أن هؤلاء الناس لن ينفعوك بشيء، فلن يدخلوا معك قبرك، ولن يثقلوا ميزان حسناتك، ولن يمسكوا بيدك للمرور على الصراط يوم القيامة، فاحرص على ما ينفعك، ودع الناس وكلامهم إن كان يصدك عن طاعة الله عز وجل.
ختامًا: فقد عرضت لكم خمسة أنواع من الخوف من كلام الناس، منها الممدوح وأكثرها مذموم، النوع الأول: نوع واجب كمثل تجنُّب مواطن الريبة؛ لنحفظ أعراضنا من كلام الناس.
النوع الثاني: خوف ممدوح يجعل المرء يَمتنع عن فعل أشياء تعتبر معيبة في عرف الناس وتقاليد المجتمع، والعرف معتبر في أحكام الشريعة.
النوع الثالث: الامتناع عن فعل المعاصي خوفًا من انتقاد الناس، فهذا لا أجر لتاركه؛ لأنه لم يتركه من أجل الله عز وجل.
النوع الرابع: فعل الطاعات خوفًا من انتقاد الناس لك بالتقصير، فهذا يدخل فيه الرياء وعدم إخلاص العمل لله عز وجل.
والنوع الخامس: خوف مذموم يلجأ المرء إلى الوقوع في المحرمات والمنهيات خوفًا من التعرض لانتقاد الناس، حتى أصبح البعض يخاف من كلام الناس، أكثر مما يخاف من الله تعالى، ويتقي كلام الناس أكثر مما يتقي النار، ولا شك أن هذا أمر محرم؛ لأن الله تعالى أحق أن يخشى ويتقى.
فالخوف من الناس ومن كلامهم، قضية يجب على المسلم ألا يأبه بها، ولا يجعلها مانعًا له مَن فعل ما يقرِّبه من الله تعالى، وما يبعده عن غضب خالقه ورازقه ومَن سيقوم بحسابه، استجابة لقوله تبارك وتعالى: ﴿ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾ [المائدة: 44].
ولنعلم أنه لا مَهرب من انتقادات الناس، فمهما فعلت فلن ترضي كل الناس، لذلك افعَل الخير، ولا تخشَ كلام الناس فيك، افعل كل ما أمرك به ربُّك، ولا تجعل الخوف من كلام الناس وانتقادهم مانعًا لك من طاعة الله، فكلام الناس لا يقدم ولا يؤخر، ولا يدخل جنة ولا نارًا، ولا يسمن ولا يغني من جوع.
واللهَ أسأل أن يُلهمنا رشدنا، ويُبصرنا بعيوبنا، وأن يُفقنا لصالح القول والعمل، ويُجنبنا الزلل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
جزاكم الله خيرا واحسن اليك