الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فإن عَجَبَ المرء لا ينقضي مِن جرأة الكفار على الله -عز وجل-، وعلى أنيبائه ورسله الكرام، وخصوصًا أعظمهم وخاتمهم محمدًا -صلى الله عليه وسلم-!
فما بين حينٍ وآخر يخرج على الناس مِن هؤلاء الكفار مَن يطعن في النبي -صلى الله عليه وسلم- جهارًا نهارًا؛ بالمقالات والكتابات الحاقدة تارة، وبالرسوم والصور المسيئة له -صلى الله عليه وسلم- تارة ثانية، وبالسب والشتم والكذب والزور والأباطيل تارة ثالثة، إلخ.
حتى وصل الحال في واقعنا المعاصِر أن يتولى كِبْرَ ذلك مَن كان -فيما مضى- ينأى بنفسه -تصنعًا للدبلوماسية والسماحة الشَّكْليَّة أمام العالَم مع المسلمين- مِن الساسة والرؤساء، أن يُظهِر ذلك بصورةٍ فجةٍ، وصفاقةٍ وقحةٍ مباشرةٍ -كما فعل الرئيس الفرنسي “ماكرون” مؤيدًا جريمة سب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومدافعًا عنها!-.
فماذا ينقم هؤلاء مِن رسول الله محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- ليكفروا به ويُعَادُوه ويَسُبُّوه؟!
هل ينقمون منه أنه يدعو إلى توحيد الرحمن -عز وجل- وعبادته وحده لا شريك، وهم يكفرون بالرحمن ويأبون رحمته؟!
أم ينقمون منه أنه يدعو إلى العدل والخير، ونبذ الظلم والشر والفجور؟!
أم ينقمون منه -صلى الله عليه وسلم- أنه يدعو إلى مكارم الأخلاق والعفة والفضيلة والصلة؟!
قال جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- للنجاشي: “أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ، نَعْبُدُ الأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، وَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ -تعالى- إِلَيْنَا رَسُولا مِنَّا، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ -تعالى- لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفُحْشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنَّ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَلا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ….” (رواه أحمد، وصححه الألباني).
أم ينقمون منه -صلى الله عليه وسلم- أنه جاء بالنور والهدى والنجاة للبشرية، وقدَّم لها الدواء الناجع لكل أمراضها وأدوائها؟! في الوقت الذي لم يقدِّم فيه ساستهم وقادتهم ومصلحوهم -زعموا!- للبشر إلا الخراب والدمار والدماء، ونشر الربا والمخدرات، وتصدير العري والإباحية والشذوذ، وكل ألوان الانحراف!
أم تُراهم لا يعرفون النبيَّ محمدًا -صلى الله عليه وسلم- ولا يثقون في صدق رسالته ونبوته، ولا يعرفون ما أرسله الله به من توحيده -عز وجل- والإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، حتى يكفروا به، بل يحرِّضون على سبه والإساءة ويدافعون عمَن يفعل ذلك، ويرون ذلك حقًّا في التعبير وحرية في إبداء الرأي؟!
ألا فليعلم كلُّ أحدٍ أنه لا عُذْرَ لهؤلاء -ولا لغيرهم مِن سائر الكفار والمشركين- عند الله -تعالى-، فإن وصول خبر النبي -صلى الله عليه وسلم- الداعي إلى الإيمان بالله وتوحيده، كافٍ في قيام الحجة عليهم في الدنيا والآخرة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) (رواه مسلم).
وأن كل شيء في هذا العالم يشهد للنبي -صلى الله عليه وسلم- بصدقه وصدق رسالته ونبوته؛ فقد آتاه الله مِن الآيات والمعجزات ما لا يملك أحدٌ دفعها، وما يكون معها الإيمان به -صلى الله عليه وسلم- ضرورة مِن الضرورات، لا يُعذر أحدٌ في الكفر به أو الإعراض عنه بعد بلوغه خبر رسالته ودعوته؛ فأدلة نبوته -صلى الله عليه وسلم- كالماء والهواء تصل لكلِّ أحدٍ، ولا يلتمسها أحدٌ ويسعى إليها إلا هُدي لها -بفضل الله تعالى-.
وكل شيء بين السماء والأرض -إلا عاصي الجن والإنس- يعرف ويعلم أنه -صلى الله عليه وسلم- رسول الله، ويشهد له بالصدق والرسالة، كما قال -عليه الصلاة والسلام: (إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلا يَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ، إِلا عَاصِيَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ) (رواه أحمد والدارمي، وحسنه الألباني).
– بل شهد بذلك حتى البهائم والسباع، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: عَدَا الذِّئْبُ عَلَى شَاةٍ، فَأَخَذَهَا فَطَلَبَهُ الرَّاعِي، فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ، فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ، قَالَ: أَلا تَتَّقِي اللَّهَ، تَنْزِعُ مِنِّي رِزْقًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا عَجَبِي ذِئْبٌ مُقْعٍ عَلَى ذَنَبِهِ، يُكَلِّمُنِي كَلامَ الإِنْسِ، فَقَالَ الذِّئْبُ: أَلا أُخْبِرُكَ بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ؟ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَثْرِبَ يُخْبِرُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ، قَالَ: فَأَقْبَلَ الرَّاعِي يَسُوقُ غَنَمَهُ، حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَزَوَاهَا إِلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهَا، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنُودِيَ الصَّلاةُ جَامِعَةٌ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ لِلرَّاعِي: (أَخْبِرْهُمْ) فَأَخْبَرَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (صَدَقَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُكَلِّمَ السِّبَاعُ الإِنْسَ، وَيُكَلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ، وَشِرَاكُ نَعْلِهِ، وَيُخْبِرَهُ فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).
– بل حتى الزرع والحجر والجبل: فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: “كَانَ المَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ، فَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا، فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ المِنْبَرُ وَكَانَ عَلَيْهِ، فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ العِشَارِ، حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ- وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ” (رواه البخاري).
– وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنِّي لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّي لأَعْرِفُهُ الآنَ) (رواه مسلم).
– وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: نَظَرَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أُحُدٍ، فَقَالَ: (إِنَّ أُحُدًا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ) (متفق عليه).
– فما يصنعه هؤلاء من السب والشتم والاجتراء على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ما هو إلا تعبير منهم عن حقدهم وعدائهم للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وما هو إلا توهم منهم أنهم بسبِّهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- واستهزائهم به، يقضون على دعوته ورسالته!
وقد ضلوا وضلَّ سعيهم! فإن شريعة الله وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- باقية ولو كره المجرمون، وإذا كان العجب لا ينتهي ممَن يحاول أن يطفئ نور الشمس بنفخات فيه؛ فكيف بمَن يحاول إطفاء نور الله -عز وجل- وما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن الهدى والحق؟! قال الله -تعالى-: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة:32-33).
– ولن يشفي صنيعهم ذلك شيئًا مِن غيظ قلوبهم، قال الله -تعالى-: (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ) (الحج:15).
قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: “قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ) أَيْ: بِحَبْلٍ (إِلَى السَّمَاءِ) أَيْ: سَمَاءِ بَيْتِهِ، (ثُمَّ ليَقْطَعْ) يَقُولُ: ثُمَّ لِيَخْتَنِقْ بِهِ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَطَاءٌ، وَأَبُو الْجَوْزَاءِ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ) أَيْ: لِيَتَوَصَّلْ إِلَى بُلُوغِ السَّمَاءِ، فَإِنَّ النَّصْرَ إِنَّمَا يَأْتِي مُحَمَّدًا مِنَ السَّمَاءِ، (ثُمَّ لِيَقْطَعْ) ذَلِكَ عَنْهُ، إِنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ أَوْلَى وَأَظْهَرُ فِي الْمَعْنَى، وَأَبْلَغُ فِي التَّهَكُّمِ؛ فَإِنَّ الْمَعْنَى: مَنْ ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِنَاصِرٍ مُحَمَّدًا وَكِتَابَهُ وَدِينَهُ، فَلْيَذْهَبْ فَلْيَقْتُلْ نَفْسَهُ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ غَائِظَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُهُ لا مَحَالَةَ، قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ. يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (غَافِرٍ:51-52)؛ وَلِهَذَا قَالَ: (فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ) قَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي مِنْ شَأْنِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: فَلْيَنْظُرْ هَلْ يَشْفِي ذَلِكَ مَا يَجِدُ فِي صَدْرِهِ مِنَ الْغَيْظِ” (تفسير ابن كثير).
– ألا فلينتظر هؤلاء المجرمون المجترئون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عذابَ الله وشديد نقمته وانتقامه في الدنيا والآخرة؛ فقد قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (التوبة:61)، وقال: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ) (المجادلة:20)، وقال: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) (الكوثر:3)، وقال -تعالى-: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (البقرة:137).
– وإذا كان الله -تعالى- قد توعَّد مَن عادى له وليًّا بالحرب، كما في الحديث القدسي: (مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ) (رواه البخاري)؛ فكيف بمَن عادى نبيه وخليله المصطفى -صلى الله عليه وسلم-؟!
كيف تكون محاربة الله له؟!
– وإذا كان الله -سبحانه- يدافع عن عامة عباده المؤمنين كما قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) (الحج:38)، فكيف بدفاعه عن خليله محمد -صلى الله عليه وسلم-؟!
– وليعلم المسلمون أن حبهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- لا بد أن لا يكون حبيس صدورهم ونفوسهم، بل عليهم أن يظهروا ذلك بتمسكهم بشريعته وسنته -عليه الصلاة والسلام- وبالاهتداء بهديه الشريف، وأن تكون محبته في قلوبهم أعظم من محبتهم لأي شيء، وكيف لا وهو أولى بهم مِن أنفسهم كما قال الله -تعالى-: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (الأحزاب:6)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (رواه مسلم).
وأن عليهم أن يعملوا جاهدين على نشر سنته وسيرته العطرة وما جاء به من الخير، وأن يدعوا الخلق جميعًا إلى الإيمان به وتصديقه؛ فإن هذا من أعظم ما ينتصرون به لنبيهم وحبيبهم محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-.
وصلى الله على محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.