ولد الشيخ عبد الله بمنزل والده في حارة القرارة بمكة المكرمة في 29- شوال – 1326هـ الموافق 23- نوفمبر – 1908, ونشأ في بيت علم وكان أبوه مثقفاً ثقافة دينية وله إلمام بالفقه الحنفي والتفسير والحديث.
توفي والده الشيخ عبدالغني خياط فشارك في حمل نعشه وذلك في عام 1343هـ وكان عمره سبع عشرة سنة، وكان قد حِفْظ القرآن الكريم اكبر نعمة فاز بها قبل وفاة والده.
كان الشيخ عبدالله خياط يتجول في الحرم المكي في رمضان وهو غلام ينصت لأئمة التراويح وكانوا كثيرين وذلك بحثا عن احسن الاصوات ممن يقرأ القرآن بتجويد يسر الخاطر ويشرح الصدر وقد اجتذبه صوت الشيخ حسين عرب من بين أصوات القارئين فانضم الى حلقته ولازمه ملازمة الطالب للشيخ.
وقد اشتهر الشيخ عبدالله خياط في قراءة القرآن لتجويده وجمال ترتيله رغم صغر سنه كما اخذ يستزيد من شتى تخصصات العلم الشرعي من توحيد وتفسير وحديث وفقه وكان من ابرز شيوخه الشيخ عبدالله بن حسن ال الشيخ وائمة المسجد الحرام ومنهم عبدالظاهر ابو السمح والشيخ محمد عبدالرزاق حمزة والشيخ سلمان الحمدان ومحمد بن ابراهيم الشاوي وهما من علماء نجد البارزين.
وقبل ان يكمل الشيخ عبدالله خياط التاسعة عشرة من العمر اكرمه الله تعالى بأن جعله اماما للمسجد الحرام خلال هذه المرحلة ففي عام 1345هـ رشحه الشيخ عبدالله بن حسن ال الشيخ اماما لصلاة العشاء بالمسجد الحرام ثم صلى الشيخ خياط بالناس في العشر الاواخر من شهر رمضان المبارك وفي 23/3/1346هـ تم تعيين الشيخ عبدالله خياط اماما لمسجد الدندراوي بمكة المكرمة وفي نفس العام تلقى أمراً ملكياً ليكون إماماً للمسجد الحرام بالاشتراك مع فضيلة الشيخ عبدالظاهر أبو السمح، كما عمل مدرساً للقرآن الكريم بالمدرسة الفخرية براتب وقدره عشرة ريالات وكان هذا الراتب غير منتظم لضعف إيرادات المدرسة.
تعليمه
– تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الخياط بالمسعى وكان الطلبة في ذلك الوقت يجلسون على الارض امام المعلم دون حراك، وانتظم ايضا في حلقات المسجد الحرام دون ان يترك دراسته النظامية في المسعى حيث درس رحمه الله القران الكريم والحساب والجغرافيا والتاريخ والاملاء والخط ونال نصيبا موفورا من دراسة القرآن الكريم وحفظه من سلوك المشايخ الاعلام السالكين الى الملك العلام عز وجل.
– درس فترة في المدرسة الصولتية.
– درس الشيخ الخياط في المدرسة الفخرية وفيها حفظ القرآن الكريم وكان مديرها محمد اسحاق القاري.
كما استفاد من مكتبة جارهم الشيخ محمد صادق كردي فقد كانت لديه مكتبة كبيرة تحتوي على الكثير من الكتب والمراجع ودرس الحديث النبوي على يد الشيخ عبدالرحمن ابو حجر احد علماء الازهر ودرس ايضا على يد فضيلة الشيخ عبدالظاهر محمد ابو السمح خطيب وامام المسجد الحرام والمدرس فيه ومدير مدرسة دار الحديث بمكة وكان شيخا بكاء رحمه الله وكان يدعو الى الرفق واللطف وكان الشيخ ابو السمح يركز على الدعوة الحكيمة والابتعاد عن الشدة، يقول الشيخ عبدالله خياط عن استاذه ابو السمح (كان ذا موهبة في الخطابة والالقاء البارع المؤثر وفي تلاوة القرآن وفي تدريس العقيدة بالاضافة الى صوته الجهوري الذي كان يبلغ وزارة المالية بأجياد بل ابعد من ذلك قبل ايجاد مكبرات الصوت) ويضيف الشيخ الخياط واصفا هؤلاء المشايخ (اولئك ابناء مدرسة النبوة خريجو المساجد، فأين منهم ابناء الجامعات في اعقاب الزمن وخريجو الفلسفات ممن ملأوا الدنيا صخبا بمؤهلاتهم وتعالوا على الناس بانتسابهم الى جامعات الغرب).
– درس المنهج الثانوي بالمدرسة الراقية بجبل هندي في عام 1343هـ.
– التحق بالمعهد العلمي السعودي بمكة وتخرج فيه عام 1350 هـ.
صدر الأمر الملكي بتعيينه إماماً في المسجد الحرام عام 1346 هـ وكان يساعد الشيخ عبد الظاهر أبوالسمح في صلاة التراويح وينفرد بصلاة القيام آخر الليل.
عين عضواً في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بموجب الأمر الملكي الصادر في 18/1/1347هـ.
– عين مدرساً بالمدرسة الفيصلية بمكة بموجب خطاب مدير المعارف في 12/2/1352هـ.
– اختاره الملك عبد العزيز ليكون معلماً لأنجاله وعينه مديراً لمدرسة الأمراء بالرياض عام 1356 هـ واستمر في هذا العمل حتى وفاة الملك عبد العزيز عام 1373 هـ.
– عاد إلى الحجاز وعين مستشاراً للتعليم في مكة بموجب الأمر الملكي رقم 20/3/1001 في 7/4/1373هـ.
– في عام 1375 هـ أسندت إليه إدارة كلية الشريعة بمكة بالإضافة إلى عمله كمستشار واستمر في هذا العمل حتى عام 1377 هـ.
– عين إماماً وخطيباً للمسجد الحرام بموجب الأمر السامي عام 1373 هـ واستمر في هذا العمل حتى عام 1404 هـ حيث طلب من جلالة الملك إعفائه لظروفه الصحية.– في عام 1376 هـ كلف بالإشراف على إدارة التعليم بمكة بالإضافة إلى عمله كمستشار.
– صدر الأمر الملكي بتعيينه رئيساً للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بناء على ترشيح من سماحة المفتي الأكبر الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وذلك عام 1380 هـ ولكنه اعتذر عن ذلك وطلب الإعفاء لظروف خاصة.
– تم اختياره عضواً في مجلس إدارة كليتي الشريعة والتربية بمكة بموجب خطاب وزير المعارف رقم 1/3/5/4095 في 27/11/1383هـ.
– عمل رئيساً لمجلس إدارة دار الحديث المكية وعضواً في اللجنة الثقافية برابطة العالم الإسلامي.
– تم اختياره عضواً في اللجنة المنبثقة من مجلس التعليم الأعلى لوضع سياسة عليا للتعليم في المملكة بموجب خطاب سمو رئيس مجلس الوزراء رقم 1343 في 27/5/1384هـ.
– تم اختياره مندوباً عن وزارة المعارف في اجتماعات رابطة العالم الإسلامي بمكة بموجب خطاب وزير المعارف رقم 1/2/3/1510 في 13/10/1384هـ.
– صدر الأمر الملكي باختياره عضواً في هيئة كبار العلماء منذ تأسيسها في 8/7/1391هـ.
– تم ترشيحه عضواً في مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في 28//1393هـ.
– صدر الأمر الملكي في 18/6/1391هـ باستثنائه من النظام وعدم إحالته للتقاعد مدى الحياة.
إمامته للمسجد الحرام:-
إمامة الشيخ عبدالله كانت على فترتين :
الأولى : من عام 1346_1356 هـ : وهي الفترة التي تسبق ذهاب الشيخ إلى الرياض وفي هذه الفترة كان الشيخ رحمه الله يصلي العشاء , وفي رمضان يصلي التراويح مع الشيخ أبي السمح و ينفرد بصلاة آخر الليل.
الثانية : من عام 1376هـ – 1404هـ , وهي الفترة التي عاد فيها الشيخ من الرياض وفي هذه الفترة كان الشيخ عبدالله خياط متوليا الخطابة فقط أسبوعيا إلى آخر عهده بالمسجد الحرام -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته , وفردوس رحماته -.
كتب الشيخ عبدالله خياط رحمه الله في كتابه “لمحات من الماضي”
تحت الفصل الثاني : “في إطار الحياة العملية”
موضوع : “أوائل الوظائف والأعمال ” :
ونعني بذلك التوظيف في حقل التعليم وغيره من الأعمال الأخرى التي قام بها صاحب اللمحات منذ بداية حياته العملية.
في الإمامة:
” لقد كان أول عمل قام به صاحب اللمحات هو إمامة مسجد الدندراوي
(زاوية الرشيدي) بمكة وذلك في 23/2/1346هـ.
ونظرا للثقة الكبيرة التي أولاها إياه سماحة الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ رئيس القضاة في الحجاز فقد استصدر أمراً ملكياً بتعيينه إماماً لصلاة العشاء في المسجد الحرام مضافاً إلى ذلك الاشتراك مع إمام الحرم الشيخ عبدالظاهر أبي السمح -يرحمه الله- في الخمس التسليمات الأخيرة لصلاة التراويح مع تفرده إماماً لصلاة القيام آخر الليل .
وكان ذلك عندما تولى إمامة وخطابة المسجد الحرام فضيلة الشيخ عبدالظاهر أبو السمح -يرحمه الله- مع صلاة المغرب , وأمَّ المصلين في صلاة العصر فضيلة الشيخ بهجت البيطار يرحمه الله , وفي صلاة الظهر قام بالإمامة الشيخ محمد نور الكتبي يرحمه الله , وهذه هي المرة الأولى التي يتعين فيها صاحب اللمحات إماماً في المسجد الحرام , أما المرة الثانية , فكانت بعد انتهاء عمله في الرياض وعودته إلى مكة.
مما قيل عنه رحمه الله
– قـال عنـه صاحب السمو الملكي الأمير نـايف بن عبدالعزيز في مقال له نشر في جريدة “عكـاظ“
: ” إنَّ فـضيلة الشيخ الجـليل عبدالله خياط كـان معـلماً وأباً لي ولكثير منْ أبـناء الوطـن , فقد علمني أموراً في ديني ودنيـاي .
رحم الله الملك عبد العزيز حين اختاره مـعلماً لأبنائه , ولقـد أدركت أخـيراً حسن الاختيار وأهدافـه , فقـد كـان فـضيلـته -رحمه اللـه – سـلفياً عالماً وصادقاً في كل حياته ونظيفاً كالثلج في قمم الجبـال” .
– قال عنه معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد في مقال لـه نشر في جريدة “المسلمون” :
” تنوعت أعمـاله فتعددت آثاره , خدم عقيدة السلف من خلال مجلس دار الحديث , وصدع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في موقعه من جهازه , وربى الأجيال في المدرسة , وأحسن الإدارة في المكتب , وأسهم في بناء صرح التعليم العالي في كلية الشريعة , وأعطى المشورة في مسيرة البلاد التعليمية , وانتهى به المطاف صعوداً وعلواً ليسهم في إصدار الفـتاوى , وبيان مقاصد الشرع من مجلس هيئة كبار العلماء .
أمـا منبر المسجد الحرام ومحرابه , فقد قصد الشيخ إلى علاج أدواء النفوس في خطبه , كما رطَّب الـقلوب بتلاوته , وأسال الدموع بترتيله , في صلاته خشوع , ولحديثه رقة , ولألفاظه حلاوة , يصاحب ذلك الإلقاء الرخيم المتميز , والصوت الباكي, والتفاعل المؤثر” .
– قـال عنه الأديب اللامع والكاتب البارز مـعالي الأستاذ عبد العزيز الرفاعي –يرحمه الله- في سياق حديثه عنْ كتابه “لمحات من الماضي” :
” أجد كثيراً من الراحة بل هي الفرحة بهذه الذكريات التي يكتبها العلامة الجليل الشيخ عبدالله عبدالغني خياط , هذه الذكريات التي أعطاها اسم اللمحات… والذين يعرفونا شيخنا الكبير , الكبير علماً ومكانةً , يعلمون أن ما يكتبه اليوم ليس تاريخاً ذاتياً لشخصه ؛ لأنني على يقين أنه لم يفعل ذلكـ ليكتب تاريخه الشخصي , إنما هو شريحة من التاريخ العام لهذه البلاد من عهد الملك المؤسس عبد العزيز –رحمه الله- إلى هذا اليوم” .
– قال عنه الأديب والإعلامي المعروف الأستاذ أحمد محمد محمود في مقال له نشر في جريدة المدينة : “هناك رجالات قلائل من الرواد يتطلع إليهم المهتمون بدراسة التاريخ المعاصر ممن تتوفر لهم الثقافة الموسوعية والريادة والكفاح الدؤوب في العمل والإخلاص والأمانة التاريخية , وفي مقدمة هؤلاء يأتي العلامة الجليل فضيلة الشيخ عبدالله خياط … وليس في اللمحات إلا تسجيل واقعي لحقبة ما نزال نحتاج لمعرفة الكثير عنها , وليس هناك أقدر على الوفاء بتفاصيلها من قلم عرف بالعفة والصدق مثل قلم فضيلة الشيخ عبدالله خياط” .
سيرة الشيخ عبدالله خياط رحمه الله تعالى
المصحف كاملا لفضيلة الشيخ عبد لله خياط (رحمه الله)
المراجع:
1- كتاب لمحات من الماضي, للشيخ عبد الله خياط.
2- جريدة عكاظ, العدد : 1902 ( الجمعة 08/08/1427هـ ) 01/ سبتمبر/2006.
3- مُعد الموضوع وأحفاد الشيخ رحمه الله.
مصدر الصور: خاصة من بدر أحمد بدرة