كما تتشابه شعائر الصوم وطقوسه وآدابه في الإسلام والرسالات السماوية السابقة لاسيما اليهودية والمسيحية، تتشابه الحكمة من تشريعه أيضا. لذا تعالوا نتعرف على الحكمة من تشريع الصوم في ضوء الكتاب المقدس بعهديه ولاسيما العهد القديم من ناحية والقرآن الكريم إلى جانب السنة النبوية المطهرة من ناحية أخرى لنقف على مدى التشابه بين الإسلام وهذه الرسالات السابقة.
الحكمة من الصوم في الكتاب المقدس
إذلال النفس
من حكم تشريع الصوم في الكتاب المقدس إذلال النفس بمعنى حرمان النفس من إشباع شهواتها ترقية للنفس وتهذيبا لها، حتى تتحكم في شهوات الجسد وترتقي الروح سواء مع الله أو مع الناس. فإن الجسد إذا انغمس في إشباع شهواته، طغت شهواته على الروح، وتحول المرء إلى حيوان لا شاغل له إلا إشباع شهواته.
ولذلك، بين الكتاب المقدس أن الغرض من صوم يوم الغفران أو يوم الكفارة وهو يوم عاشوراء عند المسلمين وهو اليوم الوحيد الذي لا يزال اليهود يصومونه حتى اليوم هو إذلال النفس. ففي العهد القديم نقرأ: “ويكون لكم فريضة دهرية أنكم في الشهر السابع في عاشر الشهر تذلّلون نفوسكم، وكل عمل لا تعملون الوطني، والغريب النازل في وسطكم” (اللاويين 16:29)
التوبة
من حكم تشريع الصوم في الكتاب المقدس التوبة والرجوع إلى الله، ففي العهد القديم نقرأ: “وَلكِنِ الآنَ، يَقُولُ الرَّبُّ، ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ، وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ. وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ. وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأَنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ. لَعَلَّهُ يَرْجعُ وَيَنْدَمُ، فَيُبْقِيَ وَرَاءَهُ بَرَكَةَ، تَقْدِمَةٍ وَسَكِيبًا لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ. اِضْرِبُوا بِالْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ. قَدِّسُوا صَوْمًا. نَادُوا بِاعْتِكَافٍ”. (يوئيل 12:2-15)
تكفير الخطايا
من حكم تشريع الصوم في الكتاب المقدس التكفير عن الخطايا بمعاقبة النفس بحرمانها من شهواتها طمعا في رحمة الله تعالى ومغفرته. ففي العهد القديم نقرأ: فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «اجْمَعُوا كُلَّ إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمِصْفَاةِ فَأُصَلِّيَ لأَجْلِكُمْ إِلَى الرَّبِّ» فَاجْتَمَعُوا إِلَى الْمِصْفَاةِ وَاسْتَقَوْا مَاءً وَسَكَبُوهُ أَمَامَ الرَّبِّ، وَصَامُوا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَقَالُوا هُنَاكَ: «قَدْ أَخْطَأْنَا إِلَى الرَّبِّ». وَقَضَى صَمُوئِيلُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْمِصْفَاةِ. (صموئيل الأول 7 :5-6)
ونقرأ: وَكَتَبَتْ فِي الرَّسَائِلِ تَقُولُ: «نَادُوا بِصَوْمٍ؟ وَأَجْلِسُوا نَابُوتَ فِي رَأْسِ الشَّعْبِ. وَأَجْلِسُوا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي بَلِيَّعَالَ تُجَاهَهُ لِيَشْهَدَا قَائِلَيْنِ: قَدْ جَدَّفْتَ عَلَى اللهِ وَعَلَى الْمَلِكِ. ثُمَّ أَخْرِجُوهُ وَارْجُمُوهُ فَيَمُوتَ». فَفَعَلَ رِجَالُ مَدِينَتِهِ، الشُّيُوخُ وَالأَشْرَافُ السَّاكِنُونَ فِي مَدِينَتِهِ، كَمَا أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ إِيزَابَلُ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الرَّسَائِلِ الَّتِي أَرْسَلَتْهَا إِلَيْهِمْ. فَنَادَوْا بِصَوْمٍ وَأَجْلَسُوا نَابُوتَ فِي رَأْسِ الشَّعْبِ. (ملوك الأول 21 :9-12)
كما نقرأ: “وَفِي الْيَوْمِ الرَّابعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ هذَا الشَّهْرِ اجْتَمَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالصَّوْمِ، وَعَلَيْهِمْ مُسُوحٌ وَتُرَابٌ. وَانْفَصَلَ نَسْلُ إِسْرَائِيلَ مِنْ جَمِيعِ بَنِي الْغُرَبَاءِ، وَوَقَفُوا وَاعْتَرَفُوا بِخَطَايَاهُمْ وَذُنُوبِ آبَائِهِمْ”. (نحميا 9 :1-2)
الاستجابة للدعاء
من حكم تشريع الصوم في الكتاب المقدس الاستجابة للدعاء، بمعنى أن الصائم كان يصوم رجاء استجابة الله تعالى لدعائه. ففي العهد القديم نقرأ: “وَضَرَبَ الرَّبُّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ امْرَأَةُ أُورِيَّا لِدَاوُدَ فَثَقِلَ. فَسَأَلَ دَاوُدُ اللهَ مِنْ أَجْلِ الصَّبِيِّ، وَصَامَ دَاوُدُ صَوْمًا، وَدَخَلَ وَبَاتَ مُضْطَجِعًا عَلَى الأَرْضِ”. (صموئيل الثاني 12 :15-16)
ونقرأ: “فَخَافَ يَهُوشَافَاطُ وَجَعَلَ وَجْهَهُ لِيَطْلُبَ الرَّبَّ، وَنَادَى بِصَوْمٍ فِي كُلِّ يَهُوذَا”. (أخبار الأيام الثاني 3:20)
كما نقرأ: “وَنَادَيْتُ هُنَاكَ بِصَوْمٍ عَلَى نَهْرِ أَهْوَا لِكَيْ نَتَذَلَّلَ أَمَامَ إِلهِنَا لِنَطْلُبَ مِنْهُ طَرِيقًا مُسْتَقِيمَةً لَنَا وَلأَطْفَالِنَا وَلِكُلِّ مَالِنَا”. (عزرا 21:8)
كما نقرأ أيضا: “فَصُمْنَا وَطَلَبْنَا ذلِكَ مِنْ إِلهِنَا فَاسْتَجَابَ لَنَا”. (عزرا 23:8)
ونقرأ: “فِي السَّنَةِ الأُولَى مِنْ مُلْكِهِ، أَنَا دَانِيآلَ فَهِمْتُ مِنَ الْكُتُبِ عَدَدَ السِّنِينَ الَّتِي كَانَتْ عَنْهَا كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَى إِرْمِيَا النَّبِيِّ، لِكَمَالَةِ سَبْعِينَ سَنَةً عَلَى خَرَابِ أُورُشَلِيمَ. فَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَى اللهِ السَّيِّدِ طَالِبًا بِالصَّلاَةِ وَالتَّضَرُّعَاتِ، بِالصَّوْمِ وَالْمَسْحِ وَالرَّمَادِ”. (دانيال 9 :2-3)
تحرير العبيد وإطعام الجوعى والإحسان إلى المساكين
من حكم تشريع الصوم في الكتاب المقدس تحرير العبيد وإطعام الجوعى والإحسان إلى المساكين، ففي العهد القديم نقرأ: “أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ. أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ، وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ”. (إشعياء 58 :6-7)
الشكر
من حكم تشريع الصوم في الكتاب المقدس شكر الله تعالى على نعمه وآلائه. ففي العهد القديم نقرأ: “هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنَّ صَوْمَ الشَّهْرِ الرَّابِعِ وَصَوْمَ الْخَامِسِ وَصَوْمَ السَّابعِ وَصَوْمَ الْعَاشِرِ يَكُونُ لِبَيْتِ يَهُوذَا ابْتِهَاجًا وَفَرَحًا وَأَعْيَادًا طَيِّبَةً. فَأَحِبُّوا الْحَقَّ وَالسَّلاَمَ”. (زكريا 19:8)
الحكمة من الصوم في القرآن الكريم والسنة النبوية
التعبد
في الإسلام، لا يشترط أن يقترن الأمر أو النهي الإلهي بالحكمة منه سواء في القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة، وإنما الأصل في الأحكام الشرعية في الإسلام سواء كانت أوامرا أو نواهيا التعبد، أي الامتثال إليها بنية التعبد إلى الله تعالى. ولكن، يجتهد العلماء في التعرف على حكمة مشروعية الأحكام إلا أنه على المسلم الامتثال لهذه الأحكام حتى وإن لم يعلم حكمة مشروعيتها. فالصوم على سبيل المثال من الأمور التعبدية، أي الأمور التي يتعبد المسلم بها حتى وإن لم يعلم الحكمة منها. ولذلك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حكاية عن رب العزة: “الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها” (رواه البخاري)
ويفهم من الحديث السابق أن الصوم عبادة يراد بها وجه الله عز وجل، ولا يشترط أن يكون لها حكمة مشروعية يعلمها الإنسان. ومع ذلك، فتحمل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة في طياتها الحكمة من مشروعية الصوم على النحو التالي:
التقوى
من أهم حكم تشريع الصوم في القرآن الكريم “التقوى”، ومعناها اتقاء سخط الله وغضبه وعذابه. فالصائم يعد نفسه لتقوى الله تعالى بترك شهواته الطبيعية المباحة الميسورة امتثالا لأمره واحتسابا للأجر عنده، فتتربى بذلك إرادته على ملكة ترك الشهوات المحرمة والصبر عنها فيكون اجتنابها أيسر عليه، وتقوى على النهوض بالطاعات والمصالح والاصطبار عليها فيكون الثبات عليها أهون عليه.
ففي القرآن الكريم نقرأ:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة 183:2)
تكفير الخطايا
على الرغم من أن الغرض الأساسي من الصوم في الإسلام هو “التقوى”، إلا أن للصوم أغراض أخرى يمكن أن تندرج تحت مفهوم “التقوى” أيضا. ومن هذه الأغراض تكفير الخطايا. فإن صوم الفريضة في رمضان كفارة للخطايا والذنوب. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” (رواه البخاري ومسلم)
كما أن صوم التطوع كفارة أيضا للذنوب والآثام. فعن فضل صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ” (رواه مسلم)
كما أن الصوم كفارة للعديد من الذنوب والآثام في الإسلام. فالصوم كفارة للقتل الخطأ (النساء 92:4) والظهار (المجادلة 58 :3-4) واليمين اللغو (المائدة 89:5) وقتل الصيد حال الإحرام (المائدة 95:5) إذا عجز المسلم عن التكفير عنها بالطرق الأولى شرعا.
إذلال النفس
إن من أغراض الصوم في الإسلام إذلال النفس وحرمانها من تحقيق رغائبها وإشباع شهواتها حتى تطيع خالقها ولا تتمرد على أوامره وتكاليفه. فإن الإنسان إذا لبى لنفسه جميع شهواتها، طغت وتجبرت وتكبرت حتى على إلهها وخالقها. أما إذا كبح جماحها وهذبها، انقادت لخالقها وائتمرت بأوامره وانتهت عن نواهيه.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “… والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي…” (رواه البخاري)
الاستجابة للدعاء
ومن أغراض الصوم في الإسلام تهيئة النفس للاستجابة إلى دعائها، حتى يكون هذا الدعاء أرجى للقبول. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم ودعوة المسافر” (رواه البيهقي)
تحرير العبيد وإطعام الجوعى والإحسان إلى المساكين
من حكم مشروعية الصوم الإكثار من العمل الصالح لاسيما تحرير العبيد وإطعام الجوعى والإحسان إلى المساكين والفقراء. فأما تحرير العبيد فقد جعل كفارة للجماع في نهار رمضان. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت قال ما لك قال وقعت على امرأتي وأنا صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبة تعتقها…” (رواه البخاري)
وأما إطعام الجوعى، فإن صوم رمضان يقترن بإطعام الجوعى والمساكين. فيجب على الصائم في رمضان إخراج صدقة الفطر وهي عبارة عن مقدار من الطعام يعطيه للجوعى والمساكين في رمضان. فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة” (رواه البخاري)، كما تفرض الفدية على من لم يستطع الصيام أو قضاءه من المسلمين، وهذه الفدية هي أيضا مقدار وجبة تصرف للجوعى والمعدمين، والأصل في ذلك قوله تعالى:
وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ (البقرة 184:2)
ولقد جعلت كفارة الجماع في نهار رمضان بإطعام ستين مسكينا عند عدم القدرة على تحرير رقبة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت قال ما لك قال وقعت على امرأتي وأنا صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبة تعتقها قال لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا فقال فهل تجد إطعام ستين مسكينا قال لا قال فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيها تمر والعرق المكتل قال أين السائل فقال أنا قال خذها فتصدق به فقال الرجل أعلى أفقر مني يا رسول الله فوالله ما بين لابتيها يريد الحرتين أهل بيت أفقر من أهل بيتي فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال أطعمه أهلك (رواه البخاري)
وأما الإحسان إلى المساكين والفقراء، فقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم القدوة والمثل في الخير والجود والإحسان إلى الفقراء والمساكين، فلقد كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة” (رواه البخاري)
التوبة
من حكم تشريع الصوم لاسيما صوم الفريضة في رمضان التوبة والرجوع إلى الله، فرمضان دعوة إلى التوبة والأوبة إلى الله تعالى. ففيه يهيئ الله تعالى للصائم فرصة التوبة والرجوع إليه، حيث تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتغل فيه الشياطين وفيه ليلة خير من ألف شهر. فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما حضر رمضان: “قد جاءكم شهرٌ مبارك، افترض اللّه عليكم صيامه، تفتح فيه أبوابُ الجنّة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلُّ فيه الشياطين، فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، من حُرِم خيرَهَا، فقد حُرم” (رواه أحمد، والنسائي، والبيهقي)
الشكر
من حكم تشريع الصوم في الإسلام شكر الله تعالى على نعمه وآلائه. ففي القرآن الكريم نقرأ:
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (البقرة 185:2)
ومن ثم، فإننا نجد تشابها شديدا بين حكمة مشروعية الصوم في الإسلام والرسالات السماوية السابقة وتقاربا شديدا بين الكتاب المقدس والقرآن الكريم في هذا الصدد.
_________
المراجع:
1- القرآن الكريم
2- تفسير المنار
3- صحيح البخاري
4- صحيح مسلم
5- سنن البيهقي
6- الكتاب المقدس
7- موقع الأنبا تكلا