لقد عدّ العلماء للنبيّ ﷺ أسماء كثيرة، ولا ينافي ذلك حديثٌ ورد في صحيح البخاري: «لي خمسة أسماء» لأنّ مراده خمسةٌ اختصصت بها لم يتسمّ بها أحدٌ قبلي، فليس المراد الحصر في خمسة.

الأول: محمّد، وهو أشهر أسمائه ﷺ وأشرفها لدلالته على كمال الحمد، وقد سمّي به إما لكثرة خصاله الحميدة، وإما لأنه تعالى وملائكته حمدوه حمدًا كثيرًا.

وإنما سمّت العرب محمّدًا قرب ميلاده لما أخبر الأحبار والكهّان أنّ نبيًّا يبعث في ذلك الزمان يسمّى محمّدًا فسمّوا أبناءهم بذلك، وهم نحو خمسة عشر.

الثاني: أحمد، معناه أحمد الحامدين لربّه أي أشكر الشاكرين، ويقال للأنبياء حمّادون وهو أحمدهم، أي أكثرهم حمدًا وأعظمهم في صفة الحمد.

الثالث: الـمقفّي أي التابع للأنبياء فكان آخرهم.

الرابع: الحاشر أي الذي يحشر النّاس على إثر زمن نبوّته إذ لا نبيّ بعده، أو على إثره في الحشر لأنه أوّل من تنشقّ عنه الأرض.

الخامس: العاقب أي الذي لا نبيّ بعده إذ هو عقب الأنبياء أي آخرهم.

السّادس: الماحي، كما جاء في حديث البخاريّ: «أنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر» وهذا محمولٌ على الأغلب لأنّ الكفر ما انمحى من جميع البلاد أو أنه سينمحي أوّلًا فأوّلًا إلى أن يضمحلّ بعد نزول عيسى عليه الصّلاة والسّلام.

السابع: نبيّ الرحمة أو نبيّ الـمرحمة أي نبيّ التّراحم بين الأمّة، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107)﴾ سورة الأنبياء.

الثامن: نبيّ التّوبة أي هو نبيٌّ مخبرٌ عن الله بقبوله التّوبة بشروطها.

وله ﷺ غير ذلك من الأسماء التي تعظم عن العد لكثرتها كما قال الحافظ ابن حجر، ومن أسمائه المشهورة: المختار والمصطفى والشفيع والمشفّع والصادق والمصدوق وغير ذلك.

وقد جمع بعض العلماء للنبيّ ﷺ سبعة وستّين اسمًا، وأوصلها بعضهم إلى تسعة وتسعين موافقة لعدد الأسماء الحسنى، وبعضهم إلى ثلاثمائة، وبعضهم إلى أربعمائة، وبعض الصوفية إلى ألف، لكن الصّواب أنّ أكثرها من قبيل الصّفات لا الأسماء